الجَارِيَةِ زِيَادَةٌ مِنْ وجْهٍ وَنُقْصَانٌ مِنْ وَجْهٍ، وَفِي البَهِيمَةِ زِيَادَةَ مُحَضَةٌ إِلاَّ إِذَا أَثَّرَ فِي إِفْسَادِ اللَّحْمِ، والزِّرَاعَةُ نُقْصَانٌ مَحْضٌ لِلأَرْضِ إِذ الزَّرْعُ يَبْقَى لَهَا، والغِرَاسُ كَذَلِكَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: القسم الثالث إذا تغير الصَّدَاقُ بالزِّيَادَةِ والنقصان جَمِيعاً، إما بَسَبَب واحد، كما إذا أصْدَقَهَا عَبْداً صغيراً، فكبر، فإنه نُقْصَانٌ من جِهَةِ نَقْصِ القيمة، ومن جهة أن الصَّغِيرَ يصلح لِلْقُرْبِ من الحُرَم، وإنه أَبْعَدُ عن الغَوَائِلِ، وأَشد تَأَثُّرًا بالتَّأْدِيبِ والرِّيَاضَةِ، وزيادة من جهةَ أنه أَقْوَى علَى الشَّدَائِدِ والأَسْفَارِ، وأحْفظ لما يستحفظ، وكما إذا أَصْدَقَهَا شَجَرَةً فأرفلت وصَارَتْ وذلك بأن يَقِلَّ ثَمَرُهَا لِطُولِ المُدَّةِ، فذلك نُقْصَانٌ من جهة نُقْصَانِ الثمرة، وزيادة من جِهَةِ زَيادَةِ الحَطَبِ، وأما بسببين، كما إذا أَصْدَقَهَا عَبْداً، فَتَعَلَّمَ القرآن، أو تعلم حِرْفَةً وأعور فلكل واحد منهما الخِيَارُ على مَعْنَى أن للِزَّوْجِ ألا يقبل العَيْنَ للنّقْصَانِ، ويعدل إلى نِصْفِ القِيمَةِ، وللزوجة أَلاَّ تَبْذُلَ العَبْدَ، وتعدل إلى بَدَلِ نِصْفِ القِيمَةِ، وإن اتَّفَقَا على الرُّجُوعِ جاز، ولا شيء لأحدهما على الآخر، وليس الاعْتِبَارُ بِزِيَادَةِ القيمة، بل كُلُّ ما حدث وفيه مَنْفَعَةٌ وفائدة مقصودة، فهو زِيَادَةٌ من ذلك الوجه. وإن [نقصت] (?) القيمة على ما بَيَّنَّا في كِبَرِ العَبْدِ الصغير, ثم الكَلاَمُ في صورتين:

إحداهما: أَصْدَقَهَا جَارِية حائِلاً، فَحَبِلَتْ في يدها، وطَلَّقَهَا قبل الدخول، فهي زَيادَةٌ من وَجْهٍ لِتَوَقُّع الولد، ونُقْصَانٌ من وجه للَضَّعْفِ في الحال، ولِلْخَطَرِ عند الوِلاَدَةِ، فإن لم يَتَّفقَا على الرجوع إلى نِصْفِ الجَارَيةِ، فالمَعْدُولُ إليه نِصْفُ قيمة الجارية، وليس لأحدهما إجْبارُ الآخر.

وحكَى أبُو عَبْدِ الله الحناطي وَجْهاً: أنه يُجْبَرُ الزوج إذا رَضِيَتْ هي بِرُجُوعِهِ إلى نصف قِيمَةِ الجَارِيَةِ، وهي حامل؛ بناءً على أن الحَمْلَ لا يُعْلَمُ، وقضية هذا أن تُجْبَرَ أيضًا إذ رَغِبَ الزَّوْجُ في الرجوع إلى نصفها حَامِلاً، وأما الحَمْلُ في البَهِيمَةِ، ففيه وجهان:

أحدهما: أنه زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ؛ لأنه لا يُخَافُ عليها من الوِلاَدَةِ غالبًا.

وأظهرهما: أنه كما في الجَوَارِي زِيَادَةٌ من وجه، ونُقْصَانٌ من وجه، أما إذا كانت مَأْكُولَةً فلأن لَحْمَهَا لا يَطِيبُ؛ لأن الحَمْلَ ضَرْبُ مَرَضٍ، وأما إِذا لم تكن مَأْكُولَةَ، فلأنه لا يُحْمَلُ عليها مع الحَمْلِ، كما يحمل، ولا حَمْلَ.

وقوله في الكتاب: "إلا إذا أَثَّرَ في إِفْسَادِ اللَّحْمِ" أي: ما كانت مَأْكُولَةَ، وقضية إيراده الفَرْق بين أن تكون مَأْكُولَةً، فيكون الحَمْلُ فيها كَالحَمْلِ في الجَارِيَةِ، أو لا تكون مَأْكُولَةً، فيكون الحمل فيها زِيَادَةً مَحْضَةً، يوافق الوجه الذي ذكرنا أنه أَظْهَرُ في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015