الثانية: وقت الأذان منوط بنظر المؤذن لا يحتاج فيه إلى مراجعة الإمام، ووقت الإقامة منوط بنظر الإمام، فإنما يقيم المؤذن عند إشارته لما: روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الْمُؤَذِّنُ أمْلَكُ بِالأَذَانِ وَالإمَامُ أَمْلَكُ بِالإقَامَةِ" (?). والمعنى فيه أن الإقامة سببها أن تعقبها الصلاة على الاتصال، والصلاة إلى الإمام فينبغي أن يكون عازماً على الشروع عند تمامها ولهذا لم يقولوا بترتيب الإقامة عند كثرة المؤذنين، لأن ما سوى الإقامة الأخيرة لا يتصل بها الصلاة. ونختم الباب بذكر محبوبات مما يتعلق بالأذان، أهملها المصنف.

منها: أن يكون المؤذن ممن جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو بعض صحابته الآذان في أبائهم إذا وجد وكان عدلاً صالحًا له، وأن يصلي المؤذن ومن يسمح الأذان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد الأذان، ويقول: "اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْتَهُ" (?).

وأن يجيب من يسمح الآذان المؤذن فيقول مثل ما يقول. وإن كان السامع جنبًا أو محدثاً، إلا في الحَيْعَلَتَيْنِ فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإلا في كلمة الإقامة فإنه يقول أقامها الله وأدامها وجعلني من صالحي أهلها، وإلا في التثويب، فإنه يقول: "صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ" (?) وفي وجه يقول: "صَدَقَ رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْم" فإن كان في قراءة أو ذكر، فيستحب أن يقطعهما ويجيب، فإن ذلك لا يفوت، ولو كان في الصلاة فالمستحب لا يجيب حتى يفرغ منها، بل يكره أن يجيب في أظهر القولين، لكن لو أجاب بما استحببناه لم تبطل صلاته، لأنها أذكار، نعم لو قال حي على الصلاة، أو تكلم بكلمة التثويب بطلت صلاته؛ لأنه كلام، ولو أجاب في خلال الفاتحة استأنفها، فإن الإجابة في الصلاة غير محبوبة، ويستحب أن يقول من سمع آذان المغرب: "اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك فاغفر لي" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015