وذلك إذا امْتَنَعَ الزَّوْجُ من الفَرْضِ فَيَنُوبُ القاضي عنه قَهْرًا، وكذلك لو تَنَازَعَا في القَدْرٍ المَفْرُوضِ فيفرضه القاضي، ولا يَفْرِضُ إلا من نَقْدِ البَلَدِ، حَالاًّ، فإن رَضِيَتْ المَرْأةُ بالتَّأْجِيلِ لم يُؤَجِّلْ أيضًا، وتُؤَخِّرُ هي إن شَاءَتْ، ولا يزيد على مَهْرِ المِثْلِ، ولا ينقص، كما في قِيَمِ المُتَلَفَاتِ (?)، نعم الزِّيَادَةُ والنقصان بالقدر اليَسِيرِ الذي يَقَعُ في مَحَلِّ الاجْتِهادِ لا عِبْرَةَ به، ولا بدّ من عِلْمِهِ بِقَدْرِ مَهْرِ المثل حتى لا يزيد ولا ينقص.
قال الشيخ أبو الفَرَج: وإذا فَرَضَ القاضي لم يتوقف لزومه على رضاهما، فإنه حُكْمُ منه، وحُكْمُ القاضي لا يَفْتَقِرُ لُزُومُهُ إلى رِضَا الخُصُومِ.
الثاني: فرض الأجنبي، فإذا جاء أَجْنَبِيٌّ، وفرض لِلْمُفَوَّضَةِ مَهْرًا، يعطيه من مالِ نفسه برضاها، ففي صحته وجهان:.
أصحهما: عند الإِمَامِ وغيره: المنع (?)؛ لأنه تَعْيينَ لما يَقْتَضِيهِ العَقْدُ، وتصرف فيه، فلا يَلِيقُ بِغَيْرِ المتعاقدين، إلا إذا فُرِضَتْ وِكَالَةُ أو وِلاَيَةٌ.
والثاني: يصح؛ لأنه يجوز للأجْنَبِيِّ أن يُؤَدِّي الصداق عن الزوج بغير إذْنِهِ، فكذلك يَجُوزُ أن يفرض، وَيلْتَزِمَ بغير إِذْنِهِ، وقَرَّبَ صاحب "التتمة" هذا الخَلاَفَ من الخِلاَفِ فيما إذا أصْدَقَ عن أَبِيهِ أكثر من مهْرِ المِثْلِ هل يجوز؟.
وذكروا تَفْرِيعًا على الصِّحَّةِ أنها تُطَالِبُ الأَجْنَبِيِّ بالمَهْرِ المَفْرُوضِ، ويسقط طَلَبُ الفَرْضِ عن الزوجِ [وينبغي أن يُشْتَرَطَ للصحة رِضَاهَا، فإنا شَرَطْنَا الرِّضَا في فَرْضِ الزوج] (?) ففي فرْضِ الأجنبي أَوْلَى، ولو طَلَّقَها الزَّوْجُ، قبل المَسِيسِ، فَنِصْفُ المفروض يَعُودُ إلى الزوج، أو إلى الأجنبي؟ فيه وَجْهَانِ، كما ذكرنا فيما إذا تَبَرَّعَ أجنبي بأداءِ المُسَمَّى، ثم طلق الزوج قبل المسيس، ووراء ما ذكرنا في الفَصْلِ مَسْأَلَتَانِ:
إحداهما: إذا أَبْرَأَتِ المْفَوِّضَةُ عن المَهْرِ قبل الفَرْضِ والمسيس، فإن قلنا: يجب المَهْرُ بالعقد، صح الإِبْرَاءُ، إن كان مَهْرُ المثل مَعْلُومًا لها، وان كان مَجْهُولًا، ففي