بوجوبه بالعَقْدِ، وتقريره بالموت، وما الأظهر من القولين؟.

ذكر المُتَوَلِّي أن الأظهر الوُجُوبُ، ويقال: إنه اختيار صاحب "التقريب"، وأنه صحح الحديث وقال: الاخْتِلاَفُ في الرُّوَاةِ لا يَضُرُّ؛ لأن الصحابة عُدُولٌ كلهم، ولأنه يحتمل أن بعضهم نَسَبَهُ إلى أبيه، وبعضهم إلى جَدٍّ لَهُ قَرِيبٍ أو بَعِيدٍ، وبعضهم إلى قَوْمِهِ وقَبِيلَتِهِ.

والذي رَجَّحَهُ أصحابنا العراقيون أنه لا يجب (?)، وبه أخذ الإِمَامُ، وصاحب "التهذيب"، والقاضي الرُّويَانِيُّ.

وإذا قلنا بالوجوب فيجب مَهْرُ المِثْلِ، باعتبار يوم العَقْدِ، أو يوم المَوْتِ، أو أقصى مَهْرٍ؟ حكى الحناطي فيه ثلاثة أوجه (?).

المَسْأَلَةُ الثَّانِيَة: لو طَلَّقَها قبل الدُّخُولِ بها، نظر إن لم يَفْرِضْ لها بَعْدُ، فلا تَسْتَحِقُّ شَطْرَ المَهْرِ، إن قلنا: لا يجب المَهْرُ بالعَقْدِ، ولكنها تَسْتَحِقُّ المُتْعَة، على ما سيأتي وإن قلنا: يجب مَهْرُ المِثْلِ بنفس العَقْدِ، فعن الشيخ أبي مُحَمَّدٍ وهو المذكور في "التتمة" أنه يُشَطَّرُ كالمُسَمَّى الصحيح في العَقْدِ، وكَمَهْر المِثْلِ، إذا جَرَتْ تسمية فَاسِدَةٌ، والمشهور أنه يَسْقُطُ المَهْرُ إلى المُتْعَةِ، واسْتَثْنَوْا صورة التَّفْويضِ، على القول بوجوب المَهْرِ، عن تَشَطَّرِ مَهْرِ المِثل بالطلاق، وإن طَلَّقَها بعد الغَرْضِ تَشَطَّر المَفْرُوضُ، كالمسمى في العَقْدِ.

وعند أبي حنيفة يسقط المفروض، وتجب المُتْعَةُ. وقوله في الكتاب: "ولا خِلاَفَ أنها لا تَسْتحِقُّ الشَّطْرَ عند الطلاق" اتبع فيه الإِمَامَ، فإنه قال بعد نَقْل التَّشَطُّرِ عن شيخه: وهذا قِيَاسٌ حكى، لكنه خِلاَفُ ما عليه الأصْحَابُ، فهو غير مُعْتَدٍّ به، ولا يلتحق بالوجوه الضعيفة، فَحَصَلَ في المَسْأَلَةِ طريقان: قاطع بمنع التَّشَطُّرِ، وصَائِرٌ إلى الخلاف.

وقوله: "لو أصدقها خَمْرًا تَشَطَّرَ مَهْرُ المِثْلِ" ليس المُرَادُ منه ما إذا فَرَضَ الخَمْرَ في دوام نِكَاحِ المُفَوِّضَةِ، فهذه الصورة مَذْكُورَةٌ: من بَعْدٌ وإنما المراد ما إذا سَمَّى في الابتداء خَمْرًا، وسبب ذكر هذه المَسْأَلَةِ أنه احتج في "الوسيط" لعدم التَّشَطُر بأن القِيَاسَ سُقُوطُ جميع المَهْرِ بالطلاق، إلا أن الله تعالى {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فَشَطَّرْنا بهذا النص ما سَمَّى وفرض، ثم بَيَّنَ أن تَشَطُّرَ مَهْرِ المِثْلِ إذا سمي خَمْرًا خارج عن هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015