وتسمى المَرْأَةُ المُفَوِّضَةَ؛ لِتَفْوِيضِها أَمْرَهَا إلى الزَّوْجِ، أو الوَلِيِّ بلا مَهْرٍ، أو لأنها أَهْمَلَتِ المَهْرِ، ومُفَوَّضَةً؛ لأن الوَلِيَّ فَوَّضَ أَمْرَهَا إلى الزَّوْج؛ لأن الأَمْرَ في المَهْرِ مُفَوَّضٌ إليها إن شاءت نَفَتْهُ، وإلا فلا وصَدَّرَ صَاحِبُ الكتاب البَابَ بفصلين:

أحدهما: في تصوير التَّفْوِيض.

والثاني: في بيان حُكْمِ المَهْرِ إذا جَرَى التَّفْوِيضُ.

أما الأَوَّل فقد قال الأصحاب: التَّفْوِيضُ ضَرْبَانِ: تفْوِيضُ مَهْرٍ، وتَفْويضُ بُضْعٍ فتفويض المَهْرِ، أن تقول [لوليها] (?) زوجني بما شِئْتَ [أو ما شئت أنا] (?) أو ما شاء الخَاطِبُ، أو فلان، فإن زوَّجَهَا على ما ذَكَرَتْ من الإبْهَامِ، فالحُكْمُ ما مَرَّ في الفَصْلِ السابق، وإن زوَّجَهَا بما عين المذكور من مَشِيئَتِهِ، صَحَّ المُسَمَّى، وإن كان دون مَهْرِ المِثْلِ، وإن زوَّجَهَا بلا مَهْرٍ، فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ، أو يصح، ويجب مَهْرُ المثل؟.

فيه الخِلاَفُ الذي بَيَّنَّا فيما إذا أَطْلَقَتِ الإِذْنِ، وزوج الوَلِيَّ بما دُونَ مَهْرِ المِثْلِ، والنِّكَاحُ في هذه الصورة غير خَالٍ عن المَهْرِ، وليس هذا التَّفْوِيضُ بالتَّفْوِيضِ الذي عُقِدَ له الباب.

وأما تَفْوِيضُ البُضْعِ، فالمراد منه إِخْلاَءُ النِّكَاحِ عن المَهْرِ، وإنما يعتبر إِذْنُهَا إذا صَدَرَ من مُسْتحقِّ المَهْرِ، وذلك بأن تَقُولَ البالغة المالكة لأمرها ثَيِّبًا كانت أو بِكْرًا: زَوَّجْنِي بلا مَهْرٍ، أو على أن لا مَهْرَ لي، فَزَوَّجَهَا الولي، ونَفَى المَهْرَ أو سكت عنه، ولو قالت: زَوَّجْنِي، وسَكَتَتْ عن المهر فالذي ذكره الإِمام وغيره أن ذلك ليس بِتَفْويِضٍ؛ لأن النكاح يُعْقَدُ بالمهر في الغالب، فيحمل الإذْنُ على العَادَةِ الغَالِبَةِ، فكأنها قَالَتْ: زَوِّجْنِي بِالمَهْرِ ويوافقه ما تَقَدَّمَ، وفي بعض كُتُبِ العِراقيِّينَ ما تَقْتَضِي كَوْنَهُ تَفْوِيضًا (?)؛ لأن اللفظ لا يَتَعَرَّضُ إلا للنِّكَاحِ، وأنه يَنْعَقِدُ بِمَهْرٍ، وبغير مَهْر، بخلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015