يَلْزَمْ تَسْلِيمُ الصَّدَاقِ، وَإنْ كانَتْ صَبِيَّة فَفِي وُجُوبِ تَسْلِيمِ المَهْرِ قَوْلاَنَ كَمَا في النَّفَقَة.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: لو أَخَرَّ تَسْلِيمَ الصَّدَاقِ بِعُذْرٍ أو غير عُذْرٍ، وطلب منها تَسْلِيمَ نَفْسِهَا، لم يكن عليها الإِجَابَةُ، بل لها حَبْسُ نفسها إلى أن يُسَلِّمَ الزوج الصداق، بتَمامِهِ، إن كان الصَّدَاقُ عَيناً، أو دَيْناً حَالاًّ (?)، وإن كان مُؤَجَّلاً، فليس لها حَبْسُ النَّفْسَ لِرضَاهَا بالتَّأْخِيرِ، وإن حَلَّ الأَجَلُ قبل أن تُسَلِّمَ نفسها، فجواب الشيخ أبي حَامِدٍ وأصحابه: أنه ليس لها الحَبْسُ أيضًا (?)؛ لأنها قَدْ رَضِيَتْ أولاً يكون الصَّدَاقِ في ذِمَّتِهِ، ووجب عَلَيْهَا التَّسْلِيمُ قبل القبض، فلا يرتفع بحُلُولِ الحق، وعلى هذا جَرَى صاحبا "التتمة" و "التهذيب" وأكثر الأئمة، وفيه وجه أَن لها الحَبْسَ لاسْتِحْقاقِهَا المُطَالَبَةَ بعد الحُلُولِ، كما في الابتداء، وهذا ما اخِتاره الحناطِيُّ والقاضي الرُّوَيانِيُّ، وإليه ذهب القاضي أبو الطَّيِّب، وبالوجه الأول أجَبْنَا، فيما إذا باع بِثَمَنٍ مُؤَجَّل، ثم حَلَّ الأجَلُ قبل تَسْلِيمِ المبيع، ويجيء فيه الوَجْهُ الثاني أيضًا، بل حكى دلك أَيْضاً عن نَصِّ المُزَنِيِّ.

وإذا كانت المرأة صَغِيرَةً أو مَجْنُونَةً، فَلِوَليَّها حَبْسُهَا إلى أن يقبض الصداق الحال ولو رأى المَصْلَحَةَ في التَّسْلِيم، فَلَهُ التَّسْلِيمُ، كما يجوز للْعَاقِلَةِ أن تُسَلِّمَ نفسها قبل القَبْضِ.

وعن مالك: أنه لا يَجُوزُ ما لم يقبض أقل ما يَصْلُحُ أن يكون صَداقاً ولو اختلف الزَّوْجَانِ، فقال الزوج: لا أُسَلَّمُ الصَّدَاقَ حتى تسلمي نَفْسَكِ وقالت هي: لا أُسَلِّمُ نفسي حتى تسلم الصداق، ففيه ثلاثة أقوال:

أحدها: يُجْبَرُ الزوج على التسليم (?) أولاً، فإذا سلم سَلَّمَتْ (?) نفسها.

وأَصحُّها: أنهما يُجْبَرانِ بأن يُؤْمَرَ الزوج بوضع الصَّدَاقِ عند عَدْلٍ، وتُؤمَر بالتمكين، فإذا مَكَّنَتْ سَلَّمَ العَدْلُ الصَّدَاقَ إليها (?).

والثالث: أنه لا يُجْبَرُ وَاحِدٌ منهما، لكن إذا بَادَرَ أحدهما إلى التسليم أُجْبِرَ الآخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015