والثاني: حصولُ الاستمتاع؛ لأنَّ النكاحَ شُرع لإعفاف الزوجَيْن، [وتحصينهما] (?) معاً، وإليه إشارة بقولِهِ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] وفي "سلسلة" الشيخ أبي محمَّد أن الوجهَيْن مبنيان عَلَى قولَيْن ذكرهما بعض الأصحاب، فيما إذا نكح امرأةً بشرط ألا يطأها، هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ؟.
إِن قلْنا: لا يصحُّ النكاح؛ لأَنه خلافُ قضيَّة العقد، وجبت وطأةٌ واحدة للاستمتاع وإن قلنا: يصحُّ، لم يجب.
وإن قلْنا بالوجه الثاني، فلو كانت المنكوحةُ أمةً، فالطلب للسيد عند من علَّل باستقرار المهْر، ولها عند من علَّل باستحقاق الاستمتاع، ولو أبرأ عن المهر، فلاَ مطالبة لها بالمهر عنْد من علَّل بالاستقرار، ولها المطالَبَةُ على المعنى الثَّاني، ولا يرْهَق إلى الوطء بلْ يمهل حَتَّى يستعد له على العادة.
قال الإِمام: وكان يليقُ بالقياس أن يمهل مدَّة الإِيلاء، إذا قُلنَا: إنَّ الطلب؛ لاستحقاق الَاستمتاع، ولو كان به مرضٌ أو عذرٌ، فلا بدّ من الإِمهال إلَى أنْ يرتفع العُذْرُ، وإن أَصَرَّ علَى الامتناع من غير عذْرٍ، حبس، ولم يستبعد الإمام أن يخرَّج من الإِيلاء أن القاضي يُطَلِّق عليه، ولكن لم يخرِّجوه (?).
وأما قوله في الكتاب "تسقط الطلب بإيلاجٍ الحشَفَة"، فيجوز أن يجعل من تتمَّة المسألة، إلا إذا قلْنا: إنَّه يجبر على وطأةٍ واحدة، فيكفي منه تغييب الحَشَفة، وبه يُشْعر نظم "الوسيط" ويجوز أن يُجْعل كلاماً مبتدأً، ويقال: معناه أنَّه يسقط مطالبة [العنين بالفسخ وغير العنين إذا أوجبنا وطأة] (?) بتغييب الحشفة، فإنَّ أحكام الوطء، كُلَّها منوطةٌ به، كالتحصين، والتحليل، ووجوب الحَدِّ، والكفَّارة، وفسادِ العَبَادَة، وتحْريم المصَاهَرة وغيرها.
قال الإمام -قَدَّس الله روحَهُ-: وسببه بعد الاتباع أن الحشَفَة هي الآلَةُ الحسَّاسةُ