فيه كسائر الكلمات المأمور بها، ومنهم من يحكيه قولاً:

الرابعة: "التَّثْوِيبُ فِي أَذَانِ الصُّبْح وَرَدَ الْخَبَرُ بِهِ (?)، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ: الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ الْنَّوْمِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يَأتِي بِبَاقِي الأَذَانِ".

وسمى تثويباً من قولهم ثاب إلى الشيء أي عاد، والمؤذن يعود به إلى الدعاء إلى الصَّلاة بعد ما دعى إليها بالحيعلتين. وفيه طريقان:

أحدهما: وهو المذكور في الكتاب: أن فيه قولين:

القديم: أنه يثوب. والجديد: أنه لا يثوب.

والثاني: القطع بأنه يثوب، وبه قال مالك وأحمد؛ لما روي عن بلال -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تُثَوِّبَنَّ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ إِلاَّ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ" (?). وبهذه الطريقة قال أبُو عَلِيِّ الطَّبَرِيُّ والشَّيْخُ أبو حامد والقاضي ابن كج، وحكاها الصيدلاني واعتمدها، قال هؤلاء: وإنما كرهه في الجديد معللاً بأن أبا محذورة لم يحكه، وقد ثبت عن أبي محذورة أنه قال: "عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الأَذَانَ وَقَالَ: "إذَا كُنْتَ فِي أَذَانِ الصُّبْح فَقُلْتَ حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ فَقُلِ الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ" (?). فيحتمل: أنه لم يبلغه عن أبي محذورة، وبنى التثويب في القديم على رواية غيره، ويحتمل أنه بلغه في "القديم" ونسبه في "الجديد"، وعلى كل حال فاعتماده في الجديد على خبر أبي محذورة وروايته فكأنه قال: مذهبي ما ثبت في حديثه، ومن أثبت القولين قال المسألة مما يفتى فيها على "القديم". وأما أبو حنيفة فقد روي عنه مثل مذهبنا، وروي أنه يمكث بعد الأذان بقدر عشرين آية ثم يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين، وقال: إنه التثويب، ثم المشهور في التثويب القطع بأنه ليس بركن في الأذان. وقال إمام الحرمين: فيه احتمال عندي من جهة أنه يضاهي كلمات الأذان في شرع (?). رفع الصوت به فكان أولى بالخلاف من الترجيع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015