وِإَنْ عَتَقَتْ تحْتَ حُرٍّ، فَلاَ خِيَارَ لَهَا، وبه قَالَ أحْمَدُ ومَالِكٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: لَهَا الْخِيَارُ، دليلُنا أنَّ الكمالَ الحادِثَ لَهَا حاصلٌ للزَّوْج، فأشبه ما إذا أسلمتُ كتابيةٌ تحْتَ مسْلِمٍ، وليسَ كَمَا إذا أُعْتِقَتْ تحْتَ عبد؛ لأنها تتضرَّر هناك من حَيْثُ إِن سيِّدَهُ يمْنَعُه عنها، ولا نفقَة لولدها عليه، ولا ولايَةَ له علَى ولدها، ولا يَرِثُ منه، وههنا بخلافه، وإنما يثبت الخيار، إذا عُتَق كلُّها، فأَمَّا إِذَا عتق بعضها، فَلاَ خيارَ لبَقَاءِ النّقْصَان، أو أحكامِ الرِّقِّ خِلاَفاً لِلْمُزَنِيِّ فيما رَوَى الْموفق بنُ طَاهِرٍ.

ولو دُبِّرَت أو كُوتَبَتْ، أو عُلِّق عَتْقُها بصفةٍ، فكذلك لا خيار، ولو عَتَقَت تحْت من بعْضُه رقيقٌ، أو تحْتَ مكاتَبِ، أو مدَبَّرِ، ثبت لها الخيارُ؛ لوجود النقصان فيه، ولا فَرْقَ في ثبوت الخيار بَيْن أن تطرأ الحريةُ، قِنَّةٌ وهي، أو تطْرأَ، وهيَ مكاتَبةٌ، أو مدَبَّرةٌ، ولو عَتَق الزوْج، وتحته أمةٌ ففيه وجه أو قول أنَّ لَهُ الْخِيَارِ، كما في الطَّرف الآخر، ولهذا يُسوَّى بينهما في خيارِ العَيْب، والظَّاهِرُ المنْعُ؛ لأن معتمدَ هَذا الخيار الخَبَرُ، وليستِ الصورةُ في معْنَى صورة النصِّ؛ لأنه لا يتعيَّر باستفراش النَّاقِصَة، ويمْكِنَه التخلُّص بالطَّلاق، ولو عَتَقَا معاً، فلا خِيَارَ.

ويثبت خيار العِتْق للصَّبيَّة والمجْنُونة عنْد البُلُوغِ وَالإِفَاقَةِ، ولا يقوم الوليُّ مقامهما في الفسخ والإِجازة؛ لأنه خيارُ شهوةٍ وطبعٍ، ولو عتَقَ اَلزَّوْج قبل أن تفسخ العتيقةُ، فقولان:

أظهرهما (?): وهو المنصوص في "الْمُخْتَصَرِ": أنه يبطل خيارُها؛ لزوال الضَّرَر، والخلافُ في المسألة كالخلافِ في الرَّدِّ بعْد زوال العَيْب، وفي الأخْذِ بالشُّفْعَةِ بعْد بَيْع ما تستحقُّ به الشُّفْعَةُ، ثم فيه مَسَائِلُ.

المسألة الأولى: لو طلَّقها الزوج طلاقاً رجعياً، فعَتَقَت في العدة، فلها الفسْخُ؛ لتقطع سلْطنةَ الرَّجْعة، وتدفع تطويل الانتظار؛ لأنَّها لو أَخَّرَتِ الْفَسْخَ إلَى أن يراجع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015