الصورة الأُولَى: إذا كان الغُرُورُ من الوكيلِ، رَجَع المغْرُور عليه بالقيمة إذا غرمها، وبالمهر إذا أثبتنا الرجُوعَ بالمَهْر.
الصورةُ الثانيةُ: إذا كانَ الغُرُور من الأمةِ المَنْكُوحَة، كان الرجُوعُ عَلَيْها، ولكنْ لا يرجِعُ في الحال، بل يتعلَّق الغُرْم بذمَّتها يُطَالِب به بعْدَ العِتْق.
قَالَ الأَصْحَابُ: ولا يتعلَّق بكسبها؛ لأن الحقوق المتعلِّقة بالكَسْب هي الَّتي يأذن السيد فيها، كدَيْن المعاملة والضَّمَان، ولا إذن ههنا، ولا يتعلَّق برقبتها؛ لأن المتعلِّق بالرقبة بَدَلُ المتلفات، ولم يوجَدْ منها إتلافٌ، وإنَّما نُسِبَت إلى إثبات ظَنٍّ في نفس الزَّوْج، واندفع الرِّقُّ بظنه على موجب المعاقَدَة، لا على سبيل الإتْلاَف، هَذَا هو المَشْهُور، وحكى المُوفَّق بنُ طَاهِرٍ وَجْهاً غَرِيباً: أنَّ حَقَّ الرُّجُوع يتعلَّق برقبتها؛ لأنَّا نزلنا اندفاع الرِّقِّ بظنه منزلة تفويته، حَتَّى غرَّمناه، وكانت هي متسبِّبَّةً إلى التفويت، وفي الصورتَيْن يكون الرجُوع بكمال المهر؛ لأن المَهْر للسّيِّد، وقد أَخَذَهُ، وخرَج الوطء عن صورة الإِباحة.
الصورة الثالثة: إذا غُرَّا جَمَيعاً، فالرُّجُوع عليهما، وفي كيفيَّته وجهان:
أقريهما: وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاق أنه يرجع بالنصف على الوكيل في الحال، وبالنِّصف عليها بعد العِتْقِ.
والثاني: له أن يرجع بالكلِّ على من شاء منْهما على الوكيل في الحَالِ، وعليها بعد العِتْق، ثم إذا رَجَعَ هَكَذَا، قَالَ صَاحِبُ "التَّهْذِيبِ" يرجع المأخوذُ منْه بالنِّصْف على الآخر، وقَالَ الحَنَّاطِيُّ وغيره؛ لا يرجع وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الآخر؛ لأنَّ التغْرِيرَ كاملٌ من كُلِّ واحدٍ مِنْهُمَا، وَلَو ذكرت للوكيل حرِّيتها، وذكر الوكيلُ للزَّوْج، فيرجع المغُرور عَلَى الْوَكِيلِ في الحَالِ، وَالْوَكِيلُ عليها بعْد العتق، وَإنْ ذكرتْ للوكيل حُرِّيَّتَهَا، ثم ذكَرَتْ للزَّوْج، فَالرُّجُوعُ عليها، وَإِنْ ذَكَرَ الوكيلُ للزْوجِ أيضاً؛ لأنَّها لما شَافَهَتِ الزَّوْجِ، خرَجَ الوكيل من الوَسَط، هكذا ذكره في "التَّهْذِيبِ" [واللهُ أَعْلَمُ] وعلى هذا فصُورةُ تغريرِهِما ما إذا ذَكَرَا معاً، والله أعلم.
المسألة الرابعة: التي غُرَّ، [بحريتها] (?) إنْ خرجت مدَبَّرةً، أو مكاتَبَةً، أو أمَّ ولدٍ،