فيه قولان:

أَحَدُهِمَا: وبه قَالَ أبو حَنِيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَمَالِكٌ: نعم؛ لأنه تلَذُّذ بمباشرة فأشْبَهَ الوطء، ولأنه استمتاعٌ يوجبُ الْفِدْيَةَ على المُحْرِم؛ فكان كالوطء، وهذا أَصَحُّ عند صاحب "التَّهْذِيبِ" واختاره القاضي الرُّويَانِيُّ.

والثاني: لاَ، وبه قَالَ أَحْمَدُ؛ لأنه لا يوجِبُ العدَّة، فكذلك لا يثبت الحُرْمة، وأيضاً، فقد قَالَ تَعَالى: {مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] شرط الدخول في التحريم، وهذا أَصَحُّ عند الإِمام، وَيُحْكَى عن اختيار ابْنِ أبي هُرَيْرَةَ وابْن القَطَّانِ وغيرهما، والقولان فيما إذا جَرَى ذلك بشَهْوَةٍ فأما اللَّمْسُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، فإنه لا أَثر له في التحريم نَصَّ علَيْه المُعْظم.

قَالَ الإِمَامُ: ومنْهم منْ أرسل ذِكْرَ الْمُلُاَمَسَةِ، ولم يقيَّده بالشَّهوة، فيجوز أن يُقَالَ: يكفي صورة الملامسة، كما يَكْفِي في نقض الطَّهَارَةِ، والنَّظَرُ بالشهوة لا يقتضي حرمة المصاهرة، ومنهم مَنْ حَكى فيه قولاً آخَرَ ضعيفاً، ثم خصَّصه بَعْضُهُم بالنظر إلى الْفَرْجِ، وهو مَذْهَبُ أَبِي حَنْيِفَةَ، ومنهم منْ لم يفرِّقْ بين الْفَرْجِ وَغَيْرِهِ.

ويثبت المصاهرةَ إذا اسْتَدْخَلَتِ الْمَرْأَةُ ماء زَوْجِها، أو ماءَ أجْنَبيٍّ بالشُّبْهة (?)، كما يثبت النَّسَب، وتجب العدة، ولكن لا يَحْصُل به الإِحْصَانُ والتحْلِيل، وفي تقرير الْمَهْرِ ووجوبه للمفوِّضة وثبوت الرجْعة ووجوب الْغُسْلِ ووجوب الْمَهْر في صورة الشُّبْهَةِ وَجْهَانِ:

أَصَحُّهِمَا: المنع (?)، وإن أنزل الأجنبيُّ بزناً، لم يثبت النسب باستدخال مائه، ولا حرمَةُ المصاهرة، وإن أنزل الزوْج بالزِّنَا حَكَى صَاحِبُ "التَّهْذِيبِ" أنه لا يثبت النسب، وَلاَ حُرْمَةُ المصاهرة، ولا تجب العدَّةُ، وقال من عند نفسه: وجب أن تثبت هذه الأحكام، كما لو وطئ زوجته عَلَى ظَنِّ أنه يَزْنِي، وَأعْلَمْ أَنَّ ما يُثْبِتُ التحريمَ المؤبَّدَ، إِذا طَرَأَ على النِّكَاح، قطَعَه، حتى لو نكح امرأةٌ، ثم وطِئَها أبُوه أوابنه بشُبْهَةٍ، أو وطئ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015