وقال مالك -رَضِي اللهُ عَنْهُ-: إنْ دَخَلَ بها الثَّاني، فهي زوجة الثاني.
لنا: ما روي عن سَمُرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِذَا أَنْكَحَ الْوَلِيَّانِ فَالأَوَّلُ أَحَقُّ" (?) ويروى: "أَيُّ امْرَأَةِ زَوَّجَهَا وَليَّانِ فَهِيَ للأَوَّلِ مَنْهُمَا" وإنما يعرف السبق، إما بالتقار أو ببينة تقوم عليه.
الثانية: إذا وقعا معاً، فهما باطلان فإنَّ الجمع ممتنع، وليس أحدهما بأولى من الآخر، فأشبه ما لو نكح أختين في عقد واحد.
فَرْعٌ: لو اتَّحَدَ الْخَاطِبُ، وَأَوْجَبَ كُلُّ وَاحِدٍ من الوليين النِّكَاحَ معاً، فأظهر الوجهين: الصحة، ويقوي كل واحد من الإِيجابين بالثاني وحكى أبو الحسن العبادي عن القاضي وغيره: أنه لا يصح؛ لأنه ليس أحدهما أولى بالاعتبار من الثَّاني فتدافعا.
الثالثة: إذا لم يعلم السبق، ولا المعية، واحتمل الأمران معاً فالنكاحان باطلان؛ لأنهما إنْ وَقَعا مَعاً تَدَافَعَا، وإن كان بينهما تَرَتُّبٌ، فلا اطِّلاَعَ على السَّابِقِ منهما، وإذا تعذر إمضاء العقد لغا، وأيضاً فإن المعية محتملة، والأصل في الأَبضاع الْحُرْمَةُ فيستدام إلى أن يتيقن النكاح هكذا أطلقه الأكثرون ونقل الإِمام وغيره وجهاً: أنَّهُ لا بُدَّ من إنشاء فسخ؛ لأن الترتيب محتمل، وبتقدير الترتيب فالسابق من العقدين صحيح، فيحتاج إلى الفسخ ليرتفع، وشبه هذا الخلاف بالخلاف في أنَّ البيع بعد تحالف المتبايعين يَنْفَسِخُ، أو يُفْسَخُ.
الرابعة: إذا سبق واحد معين، ثم التبس، وأشكل الأمر، فيوقف حتَّى يتبين الحال، ولا يجوز لواحد منهما غشيانها، ولا لثالث نكاحها قبل أن يطلقاها، أو يموتا أو يطلق أحدهما، ويموت الثاني (?) وعن الشيخ أبي مُحَمَّدٍ وغيره: أن من الأصحاب مَنْ أَجْرَى القولين المذكورين في الصُّورَةِ الخامسة من هذه الصورة إذا تحقق اليأس باليقين.
الخامسة: إذا عرف سبق أحدهما، ولم يعلم أيُّهما سَبَقَ فالنَّصُّ وظاهر المذهب أَنَّ الحكم كما لو احتمل السبق، والمعية لتعذر الإِمضاء، والعلم بتقدم أحدهما لا يُغني إذا لم يعلم المتقدم. وهذا كما أن المتوارثين إذا غرقا وماتا لا يفترق الحال بين ألاَّ يعرف السبق والمعية، وبين أن يُعرفَ سبقُ أحدهما من غير تعيين، وقد سبق في