فيه وجهان.
وفي رواية القاضي أبي الطَّيِّب قَوْلاَنِ:
أحدهما: نَعَم، كما لو اشترى الصغير معيبًا.
الثاني: لا؛ لأنه يتعلق بالشهوة والطبع، فلا تجزئ فيه النيابة.
وهذا الْخِلاَف فَيْما رَوَى الْحَنَّاطِيُّ وصاحب "التَّهْذِيبِ" ورأى الإِمام مخصوص بما إذا جهل الولي حال الزوج، فإن علم فلا خيار، وطرده الَقاضي ابنُ كَجٍّ، وآخرون في حالتي الْجَهْلِ وَالْعِلْمِ وقالوا: إنه لَيْسَ عاقدًا لنفسه، حَتَّى يَلْزَمَ حكم علمه. وليعلم قوله في الكتاب "ولا ينعقد النِّكَاحُ أصلًا" مع الحاء بالألف؛ لأن مَذْهَبَ أَحْمَدَ كالقول الأول.
وقوله: "ولا يجوز تزويج الأب الصغيرة من غير كُفْءٍ" بالحاء، وكذا قوله: "ولها الخيار إذا بلغت"؛ لأن عَنَ أَبِي حَنِيْفة -رضي الله عنه- أنه يصح النِّكَاحُ، ولا خيار، لها إذا بلغت، وسائر المواضع المحتاجة إلى العلامات بينة مما قدمنا، ثم صاحب "الكتاب" خَتَمَ الْفَصْلَ بأن قال: ويجوز أن يزوج من الصغير من غير كفء، وليس الأمر على هذا الإِطلاق، بل ينظر فيما لم يوجد فيها من خصال الكفاءة، فإن قَبِلَ لابنه الصغير نكاح معيبة بالعيوب المثبتة للخيار، فعلى قولين كما في تزويج البنت الصغيرة من غير كفء.
والصحيح أنَّهُ لا يصح النِّكَاحُ.
وعن بعضهم: القطع [بالبطلان] (?) في قبول النكاح الرَّتْقَاءِ والقرناء لما فيه من بذل الْمَالِ في [مقابلة] (?) البضع الذي لا ينتفع به، بخلاف تزويج الصغيرة من المجنون، فإن قَبِلَ له نكاح أمة لم يصح؛ لأنه لم يؤخذ خوف العنت، وإن قَبِلَ له نكاح من لا تكافئه بجهة أخرى فوجهان كالقولين في تَزْوِيج الْبِنْتِ الصَّغِيْرَةِ ممن لا يكافئها، لكن الأشبه هاهنا الصِّحَّةُ، وهو الموافق لما في الكتابَ؛ لأن الْمَرْأَةَ تتعير بأن يَسْتَفْرِشُهَا من لا يكافئها والرجل لا يتعير بأن يستفرش من لا تكافئه.
وإذا قلنا بالصِّحَّةِ، فالتفريع كما مَرَّ هناك وإن قَبِلَ له نكاح عمياء ففي كتاب القاضي ابنُ كَجٍّ إثبات الوجهين فيه.
ونقل "صاحب التَّهْذِيبِ" إجراءهما فيما لو قبل نِكَاحَ عَجُوزٍ أو مفقودة بعض الأطراف، ويجب أن يَكُونَ من تزويج الصَّغِيْرَةِ من الأعمى والأقطع والشيخ الهم مثل هذا الخلاف.