"التهذيب" من العيوب المثبتة للخيار "العُنة" وقال: إنها لا تتحقق فَلاَ نَظَرَ إليها في الكفاءة. وفي "تعليق" الشيخِ أَبِي حَامِدٍ وغيره التَّسْوِيَةِ بين العُنة وغيرها صريحًا، وإطلاق الأكثرين يوافقه.

إذا عَرَفَ ذَلِكَ، فمن به بعض تلك العيوب لا يكون كفئًا للسليمة عنها، ولو كان لكل واحد منهما عيب منها فإن اختلف العيبان فلا كفاءة أيضًا، وإن اتفقا وما بالرجل أفحش، أو أكثر فكذلك، وإن تساويا، أو كان ما بها أكثر فوجهان بناءً على أنه هل يثبت الخيار والحالة هذه؟. ويجري الوجهان فيما إذا كان مَخبُوبًا والمرأة رَتْقَاءُ.

وزاد القاضي الرُّوْيانِيُّ على العيوب المثبتة للخيار فقال: والعيوب التي تنفر النَّفْسُ منها كالعمى والقطع وتشوه الصورة تمنع الكفاءة عندي، وبه قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا، واختاره الصيمري.

ومنها الحرية؛ لأنَّ الْحُرَّةَ تتعير بكونها فراشًا للعبد وتتضرر بأنه لا ينفق إلاَّ نفقة المعسرين، فالرقيق لا يكون كفئًا للحرة أصلية كانت، أو عتيقة، والعتيق لا يكون كفئًا للحرة الأصلية، ولا من مس الرق أحد أبائه للتي لم يمس الرق أحدًا من أبائها، ولا من مس الرق أبًا أقرب في نسبه للتي مس الرق أبًا أبعد من نسبها ويشبه أن يكون جريان الرق في الأمهات أيضًا مؤثرًا ولذلك تعلق به الولاء (?).

ومنها: النَّسَبُ فالعجمي ليس كفئاً للعربية، ولا غير القرشي من العرب للقرشية، ولا غير الهاشمي والمطلبي من قريش للهاشمية والمطلبية، وبنو هاشم وبنو المطلب أكفاء لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "نَحْنُ وَبَنُو المُطَّلِب شَيءٌ وَاحِدٌ" (?) وفي قريش بعضهم من بعض. وَجْهٌ آخَرُ وبه قَالَ أَبُو حَنِيْفَةٌ -رضي اللهُ عَنْهُ-: أنَّهُمْ جميعًا أكفاء كما أنهم يستوون في الأَهْلِيَّةِ للإِمامة.

والصحيح الأول؛ لما روي أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيشٍ بَنِي هَاشِمٍ" (?) وكما يعتبر النسب في العرب يعتبر في العجم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015