وقوله: "عَلَى أَضْعَفِ الْقَوْلَيْنِ" [معلم] (?) بالواو للطرق النافية للخلاف وسماه أضعف القولين؛ تَرْجِيحًا لقولنا أَنَّ الْفَاسِقَ يلي وبه يفتي أكْثَرُ مَتَأَخِرِي الأَصْحَاب لا سيما الخُرَاسَانِيُّونَ وَاخْتَارَهُ القاضي الرُّوْيَانِيُّ بعدما ذَكَرَ هُوَ وَغَيْرُهُ أَنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ لا وَلاَيَةَ لَهُ، وَاحْتَجَّ مَنْ نصر إثبات الولاية بأن العضل فسق.
وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَلَى أَنَّهُ تنتقل الولاية إلى الْقَاضِي دُونَ الأَبْعَدِ وقد يعترض عليه من وُجُوهٍ:
أحدها: أن الحَنَّاطِيَّ حكاه في كتابه وجهًا: أَنَّ الْفِسْقَ أيضًا ينقل الولاية إلى السُّلْطَانِ.
والثَّاني: أَنَّ المذكور في العضل رُبَّما كانَ جَوَابًا عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ يلي.
والثالث: أَنَّ الْفِسْقَ إِنَّما يتحقق بارتكاب الكَبِيْرَةِ أو الإِصرار على الصَّغِيْرَةِ والعضل ليس من الكبائر، وَإِنَّما يفسق به إذا عضل مرات أقَلها فيما حَكى بعضهم ثلاث، وَحِيْنَئِذٍ فالولاية للأَبْعَدِ إِذَا جَعَلْنَا الْفِسْقَ سَالِبًا لِلْوَلاَيَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الكافر يلي تَزْوِيجُ ابْنَتِهِ الْكَافِرَةِ؛ لأنَّهُ أَقْرَبُ نَاظِرٍ، وهذا إذا كان لا يرتكب محظور في دينه، فإن كان يرتكبه فتزويج ابنته كتزوِيج الْمُسْلِمِ الفاسق ابنته وعن الْحَلِيْمِيِّ: أَنَّ الْكَافِرَ لا يلي التزويج، وَإِذَا أرَادَ مسلم أنْ يتزوج بذمية زوجها منه القاضي.
والمذهب الأول -وفرقوا بين الولاية والشهادة حيث لا تقبل شهادة الكافر، وَإِنْ كَانَ لا يَرْتَكِبُ مَحْظُورَ في دِيْنِهِ بأن الشهادة تخص ولاية على الغير، فلا يؤهل لها الكافر والولي في التزويج كما يرعى حظ المولية يرعى حق نفسه أيضًا بتحصينها ودفع الْعَارِ عَنْ النَّسَب، واختلاف الدِّيْنِ يمنع الموالاة والتوارث فلا يمنع يزوج المسلمة قريبها الكافر، بل يزوجها الأَبْعَدُ من أولياء النَّسَبِ أو الولاء أو السلطان (?).