فقالت طَائِفَةٌ: المقتضي أنها تعرض أن تراجع فقد تَحْمِلُهَا الرَّغْبَةُ في الْخَاطِبِ عَلَى أَنْ تَكْذِبَ في انْقِضَاءِ العِدَّة دَفْعاً للرَّجْعَةِ.

وَقَالَ آخَرْونَ: المقتضي أَنَّها مَجْفُوَّةٌ بالطَّلاَق، فَعَسَاهَا تكذب، إِذا وَجَدَت رَاغِباً مُسَارَعَةً إلى الانْتِقَام من الزَّوْجِ، والمعنيان مَفْقُودَانِ، في الْمتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَجَازَ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَتِهَا. وفي البائنة وجد المعنى الثاني دون الأولِ، فكان على الخلاف والقائلون بهذا البِنَاءِ طردوا الْخِلاَفَ في المطلقة ثلاثاً وَفِي الْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا.

وقيل: إِنْ فَسَخَ الزَّوْجُ فعلى الْخِلاَفِ، وإِن فَسَخَتْ هي لم يَجَزْ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَتَهَا قولاً واحداً، لأَنَّهَا رغبت عن صُحْبَتِه، فلا يؤمن كذبها في انقضاء الْعِدَّةِ إِذَا وَجَدَتَ رَاغِبًا.

والتَّصْرِيحُ في الخِطْبَةِ: أن يقولَ: أُرِيْدُ أَنْ نكاحك أو: إِذَا انْقَضَتْ عِدَتُكِ نَكَحْتُكَ، وإذا حللت فلا تفوتي على نفسك.

والتَّعْرِيضُ ما يحتمل الرغبة في النكاح (?) وغيره: كقوله: رُبَّ رَاغِبٍ فِيْكِ من يجد مثلك، وَأَنْتِ جَمِيْلَةٌ، وإذا حللت فأذينني وَلَسْتُ بِمَرغُوبٍ عَنْكِ، ولا تبقين أيِّمًا، ورُبَّ راغِبٍ في نِكَاحِكِ، وإنَّ اللهَ لَسَائِقْ إِلَيْكِ خَيْراً، وما أشبه ذَلِكُ. وَحُكْمُ جَوَابِ المَرأَةِ تَصْريحًا وَتَعْرِيْضَاً في هذه الصُّوَرِ حكم الخطبة، وجميع ما ذكرنا، فيما إذا خَطَبَهَا غَيْرُ صَاحِبِ العِدَّةِ، فأَمَّا إِذَا خطبها صَاحِبُ العِدَّةِ الَّتِي يَحِلُّ له نِكَاحُهَا، فله خطبتها صريحاً وتعريضاً، ثُمَّ في الْفَصْلِ مَسْألَتَانِ:

إحداهما: تَحْرُمُ الخِطْبَةِ على خِطْبَةِ الْغَيْرِ بَعْدَ صريح الإِجَابَةِ إلاَّ إِذَا أَذن ذَلِكَ الْغَيْرُ أو تركها (?)، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابنِ عُمَرَ -رَضِي اللهَ عَنْهُ- أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015