أَحَدُهُمَا: ويحكى عن أبي إِسْحَاقَ-: نَعَمْ، كالأَمَةِ، وكما كان يحل له ذَبَائِحُ أهل الكتاب.

وأصحهما: المنع، وبه قال ابن سُرَيجٍ والقاضي أبو حامدٍ والإِصْطَخْرِي؛ رحمهم الله تعالى لأنها تكره صحبته؛ ولأنه أَشْرَفُ من أن يضع ماءه في رحمهما، وهي كَافِرَةٌ؛ ولأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "زَوْجَاتِي فِي الدُّنْيَا، زَوْجَاتِي فِي الآخِرَةِ" (?)، والجنة مُحَرَّمَةٌ على الكافرين، لكن القائل الأول قال: لو نكح كتابية لهديت إلى الإِسلام كرامة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ويجري الوجهان في التَّسَرِّي باْلأَمَةِ الكتابية.

وهل كان يحل له نكاح الأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ؟ فيه وجهان:

أحدهما: وَيُحْكَى عن ابن أبي هُرَيْرَةَ-: نعم، كما يحل للأمة، والنكاح أوسع عليه من الأمة.

وأصحهما: المنع، وقد قطع به قاطعون. ووجه المنع بأن نكاح الأمة (?) هنا مَشْرُوطٌ بالخوف من العَنَتِ، والنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَعْصُومٌ، وبفقدان طول الحرة ونكاحه -صلى الله عليه وسلم- مستغن عن المهر ابتداءً وانتهاءً، ولأن من نكح أَمَةً كان ولده منها رقيقاً، ومنصب النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَنزَّهٌ عن مثل ذلك.

لكن من جَوَّزَ له نكاح الأَمَةِ قال: خَوفُ الْعَنَتِ، إنما يشترط في حَقِّ الأَمَةِ، وفي اشتراط فقدان الطُّولِ تَرَدَّدَ عن الشيخ أبي مُحَمَّدٍ وغيره. وأما رق الولد ففي التزامه وَجْهٌ مُستَبعَدٌ، والصحيحُ أنه لو نكح أُمَةً كان لا يرق ولده منها (?)، وإن قلنا بجريان الرِّقِّ على العرب، وفيه قولان يذكران في موضعهما. وعلى هذا فعن أبي عَاصِمٍ العبادِيِّ: أن عليه الْقِيْمَةَ رِعَايةً لحق المولى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015