فلا، وإن قلنا مؤداة فقد حكى إمام الحرمين عن أبيه ترديد الجواب في ذلك، ومال إلى أنه لا يجوز، وهذا هو الذي أورده في "التهذيب" من غير ترديد وبناء على خلاف، ولو شرع فيها وقد بقي من الوقت ما يسع الجميع لكن مدها بطول القراءة حتى خرج الوقت. لم يأثم، ولا يكره أيضاً في أظهر الوجهين.
قال الغزالي: ثُمَّ تَعْجِيلُ الصَّلَوَاتِ أَفْضَلُ (ح) عِنْدَنَا، وَفَضِيلَةُ الأَوَّليَّةِ بِأنْ يَشْتَغِلَ بِأسْبَابِ الصَّلاَة كَمَا دَخَلَ الوَقْتُ، وَقِيلَ: تَتَمَادَى الفَضِيلَة اِلَى نِصْفِ وَقْتِ الاخْتِيَارِ، وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ العِشَاءِ عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ، ويُسْتَحَبُّ الإبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ إِلَى وُقُوعِ الظِّلِّ الَّذِي يَمْشِي فِيهِ السَّاعي إِلَى الجَمَاعَةِ، وَفِي الإبْرَادِ بِالجُمُعَةِ وَجْهَانِ لِشِدَّةِ الخَطَرِ في فَوَاتِهَا.
قال الرافعي: روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللهِ، وَآخِرُ الْوَقْتِ عَفْوُ اللهِ" (?) قال الشافعي -رضي الله عنه-: "رضوان الله إنما يكون للمحسنين "والعفو" يشبه أن يكون للمقصرين. وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَفْضَلُ الأَعْمَالِ الصَّلاَةُ لِأوَّلِ وَقْتِهَا" (?). وبم تحصل فضيلة الأولية؟ حكى الإمام فيه ثلاثة أوجه:
أقربها: عنده وهو الذي ذكره صاحب "التقريب" أنها تحصل بأن يشتغل بأسباب الصلاة كالطهارة والأذان فإن دخل الوقت، فإنه لا يعد حينئذ متوانياً ولا مؤخراً.
والثاني: يبقى وقت الفضيلة إلى نصف الوقت؛ لأن معظم الوقت باقٍ ما لم يمض النصف، فيكون موقعاً للصلاة في حد الأول، وإلى هذا مال الشيخ أبو محمد واعتبر نصف وقت اختيار.
والثالث: لا تحصل الفضيلة إلا إذا قدم [قبل الوقت] ما يمكن تقديمه من الأسباب لتنطبق الصلاة على أول دخول الوقت، وعلى هذا قيل: لا ينال المتيمم فضيلة الأولية (?)، وعلى الأول: لا يشترط تقديم ستر العورة كالطَّهَارَةِ، وعن الشيخ أبي محمد اشتراطه؛ لأن ستر العورة لا تختص بالصلاة، والشغل الخفيف كأكل لُقَمٍ وكلام قصير لا يمنع إدراك الفضيلة، ولا يكلف العجلة على خلاف العادة (?). ولنتكلم في الصلاة