مسكيناً (?) ولِمَنْ قال بالأوَّلِ أن يقول: فسَّرْتم المسكينَ بمَنْ له شيءٌ، يقع موقعاً من كفايته، لا بمُطلَق من يملك شيئاً؛ فلِمَ قلتم: إنَّ السفينة كانت تقع موقعاً من كِفَايَتِهِمْ، وأما الثاني، فكما نقل "أحيني مسكيناً" نقل الفقير، فجرى ونحوه والخلافُ مع أبي حنيفة في الفقير والمسكينِ لا يظهر أثَرُهُ في الزكاة؛ لأنَّه يجوزُ عنده الصَّرْف إلى صنفٍ واحدٍ، ولكنه يظهر فيما إذا أوصَى للفقراء دُونَ المَسَاكِين، أو بالعَكْس، أو نَذَر، أو حَلَفَ أنْ يتصدَّق عَلَى أحدهما، دون الآخر، ويجوز أن يُعْلَمَ قوله في الكتاب: "والفقيرُ أَشَدُّ حالاً منه" مع الحاء والواو بالميم؛ لأنَّ الحكاية عن مالك مثل قول أبي حنيفة. واعْلَمْ: أنَّ المعتبر من قولنا يقع موقعاً من كفايته وحاجته أو لا يقع: المطْعَمُ، والمسْكَنُ، والمَلْبَسُ، وسائرُ مَا لا بُدَّ منه، عَلَى ما يليق بالحالِ، من غير إسرافٍ، ولا تقتير، لنَفْسِ الشخْصِ، ولمن هو في نفقتِهِ.
سُئِلَ صاحبُ الكتاب عن القَوِيِّ من أهل البيوتات الَّذين لم تَجْرِ عادتهم بالتكسُّب بالبدن، هل له أنْ يأخذ من الزكاة فأجاب أنْ: نعم، وهو مستمرٌّ عَلَى ما سبق أنَّ المعتبرَ الكسْبُ بحرفة تليقُ بحاله (?)، وكما لا يعْتدُّ بالحرفة التي لا تلِيقُ بحاله، لا يعتد بأصل الحرفة في حقِّ من لا يليقُ به.