لِمَنْ يَقُومُ بما فيه نكايةٌ زائدةٌ في العَدُوِّ، أو توقُّعُ ظَفَر أو دَفْعُ شَرٍّ، وذلك كالتقدم على طليعةٍ، أو التَّهَجُّم على قلعةٍ، أو الدَّلالة عليها، أو كحفظ مكمن، وتجسُّس حالٍ، وما أشبهها، وإنما ينفل الإمام إذا مَسَّتِ الحاجةُ إلَيْه لكثرةِ العَدُوِّ، وقلَّةِ المسلمينَ، واقْتَضَى الرأْيُ بعْثَ السرايا، وحفْظ المكامِنِ، ولذلك نَفَلَ رُسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- في بعض الغزوات دُونَ بَعْضٍ (?).
ثُمَّ الكلامُ فيمن يشرط له، وفي محلِّ المَشْرُوط وقَدْرِهِ.
أما الأَول: فيجوز أنْ يكُونَ المشْرُوطُ له شخصاً معيَّناً، أو جماعةً معيَّنين، ويجوز أنْ يُطْلَق؛ فيقول: مَنْ فَعَلَ كذا، فله كذا.
وأما المحَلُّ: فيجوزُ أنْ يشترطَ النَّفْل من مال المصالِحِ المرصدة عنده في بيت المالِ، وَحِينَئِذٍ فيشترط كونه معلوماً، ويجوز أنْ يشرطه مما سيغنم، وُيؤْخَذُ من الكُفَّار في هذا القتال، وَحِينَئِذٍ [فيذكر جزء من] (?) ثلث وربع وغيرهما، ويحتمل فيه الجهالة للحاجة، وإذا نفل من المأْخُوذْ فيمن نفل، فيه ثلاثَة أوْجُهٍ، ويقال: ثلاثة أقوال، ويقال: قَوْلاَنِ وَوَجْهٌ:
أظهرهما: أنه ينتفل من خُمُسِ خُمُسِهِ؛ لما رُوِيَ عن سَعِيد بْنِ المُسَيِّب -رَضِيَ اللهُ عَنْه- قال: كان النَّاسُ يعطون النفلَ من الخُمُس (?).
والثاني: أنه ينفل مِنْ رأَسِ مال الغنيمةِ، ويجعل ذلك كأجْرَةِ الكيَّال، وما في معْنَاها، ثم يقسم الباقِي، ونُسِبَ هذا إِلى رواية القاضي الحُسَيْن -رحمه الله- عن القديم.
والثالثُ: أنه ينفل مِنْ أربعةِ أخماسِ الغنيمةِ، ثمَّ يُقْسَّمُ الباقي منها بين أصحاب النفل، وسائر الجَيْش، وأمَّا القدْرُ فليس له حَدٌّ مضْبُوطٌ، ولكنْ يجتهدُ الإمامُ فيه،