أما ذات وقتين: الفضيلة والاختيار كالظهر، وأما ذات ثلاث أوقاتِ الفضيلة، والاختيار، والجواز، كالعشاء، والعصر أول الصلاتين المخصوصتين بالأوقات الأربعة في الترتيب المذكور، فهذا هو الداعي إلى تقسيم وقت العصر إلى الفضيلة وغيرها.

قال الغزالي: وَوَقْتُ المَغْرِبَ يَدْخُلُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَيمْتَدُّ (م) إِلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ فِي قَوْلٍ، وَعَلَى قَوْلٍ: إِذَا مَضَى بَعْدَ الغُرُوبِ وَقْتُ وُضُوءٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَقَدْرِ خَمْسَ (و) رَكَعَاتٍ فَقَدِ انْقَضَى (ح) الوَقْتُ، لِأَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام صَلاَّهَا فِي الْيَومَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ شَرَعَ فِي الصَّلاَةٍ فَمَدَّ آخِرَ الصَّلاَةِ إلَى وَقْتِ غُرُوبِ الشَّفَقِ فَفِيهِ وَجْهَانِ.

قال الرافعي: لا خلاف في أن وقت المغرب يدخل بغروب الشمس، والاعتبار بسقوط قرصها، وهو ظاهر في الصحارى.

وأما في العمران، وقلل (?) الجبال، فالاعتبار بأن لا يرى من شعاعها شيء على أطراف الجدران وقلل الجبال، ويُقبل (?) الظلام من المشرق، وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا أَقْبَلَ الظَّلاَمُ مِنْ هَاهُنَا -وَأَشَارَ إلَى الْمَشْرِقِ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا- وَأَشَارَ إِلَى الْمَغْرِبِ - فَقَد أَفْطَرَ الصَّائِمُ" (?). وإلى متى يمتد وقت المغرب؟ فيه [قولان] (?) القديم: أنه يدوم وقتها إلى غيبوبة الشفق، لما روي عن بريدة "أَنَّ رَجُلاً سَألَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ وَقْتِ الصَّلاَةِ فَقَالَ: صَلِّ مَعَنَا هذَيْنِ"، يَعْنِي الْيَوْمَيْنِ إِلَى أَنْ قَالَ: "وَصَلَّى بِيَ الْمَغْرِبَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ " (?).

وروي في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَوَقْتُ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ" (?).

ويعبر عن هذا القول بأن للمغرب وقتين كسائر الصلوات، وفي "الجديد" إذا مضى قدر وضوء وستر عورة وآذان وإقامة وخمس ركعات فقد إنقضى الوقت؛ لأن جبريل عليه السلام صلاها في اليومين في وقت واحد، ولو كان لها وقتان لبين كما في سائر الصلوات؛ ثم معلوم أن ما لا بد منه من شرائط الصَّلاَةِ لا يجب تقديمه على الوقت،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015