يَمُوتَ فَجْأَةً، وَلَوْ أوْصَى إِلَى فَاسِقٍ ضَمِنَ، وَلَوْ أوْصَى فَأجْمَلَ وَلَمْ يُمَيِّزِ الوَدِيعَةِ ضَمِنَ، كَمَا إِذَا قَالَ: عِنْدِي ثَوْبٌ وَلَمْ يصفْهُ وَلَهُ أثواب ولو قَالَ: عَنْدِي ثَوبٌ فَلَمْ يُصَادِفُ في تَرِكَتِهِ فَلاَ ضَمَانَ تَنْزِيلًا عَلَى التَّلَفِ قَبْلَ المَوْتِ، وَلَوْ وُجِدَ في تَرِكَتِهِ كِيسٌ مَخْتُومٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ إنَّهُ وَدِيعَةُ فُلاَنٍ لَمْ يُسَلَّمْ إِلَيْهِ فَلَعَلَّهُ كَتَبَهُ تَلْبِيِساً.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الأصلُ في الوديعة الأمانة؛ لما رُوِيَ عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبِ، عن أبِيه، عنْ جَدِّهِ أَنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيْسَ عَلَى المُسْتَوْدَعِ غير المغل ضَمَانٌ" (?) وُيرْوَى: "مَنْ أُودِعَ وَدِيعَة فلا ضَمَانَ عَلَيْهِ" (?) وعن أبي بكر، وعَليٍّ، وابنِ مسعود وجابر -رضي الله عنهم- "أنَّها أَمَانَةٌ" (?) ولأن المودَعَ يحفظها للمالك، فيده كيده، ولو ضمن المودِعُ، لَرَغِبَ الناسُ عَنْ قبول الوَدَائِعِ، وإذا تقرَّر ذلك، فنذكر فقْهَ الفَصْل مجرَّداً، ثم نرجع إِلَى ما يتعلَّق بالنظْم والترتيب، أما الفقْه: فمسائل:
إحداها: المودع، إذا أودع غيره بغَيْر إذْنِ المالك، فإِما أنَّ يودع من غَيْر عُذْر، أو بعُذْرٍ:
الحالة الأولى: إذا أَوْدَعَ من غير عُذْرٍ فيضمن لِأَنَّ المالكَ، لم يَرْضَ بيد غيره وأمانته، ولا فَرْقَ بين أنَّ يكون ذلك الغَيْر عبده، أو زوجته، أو ابنه، أو أجنبيّاً وعن مالك -رحمه الله-: أنَّ له أنَّ يُودِعَ زوجته وقال أبو حنيفة -رحمه الله- وأحمد له أو يُودِعَ من عليه نفقته من ولد، ووالد، وزوجة، وعبد.
لنا: القياسُ عَلَى من سلموه، وإذا أودع غيره، فالكلام في تضمين المالك المودع الثاني إِياها قد مَرَّ في الرَّهْن والغَضْب، هذا إذا أودع عند غير القاضي، فأما إن أودع عند القاضي، فوجهان، حكاهما الشيخ أبو حامد -رحمه الله- فيما إِذا وجد المالك،