ومنْهَا: لا يبيع مال الصبيِّ من نفسه، ولا مال نفسه منه، ولا يتولَّى الطرفين في بيع مال صغير من صغير، بخلاف الأبِ؛ لقوَّة ولايته، وعن أبي حنيفة -رحمه الله-: أنَّ له أنْ يبيعَ مالَ الصَّبيِّ من نفسه بأَكثر من ثمن المثل ويتولَّى الطرفين.
لنا: أنَّهُ متصرِّف بالتفويض، فلا يبيع المالَ من نفسه؛ كالوكيل، ويجيء فيما تقدَّم من نظائر المسألة في الوكالة وجهٌ في أنَّه يبيع من نفسه، ويتولَّى الطرفين.
وَمنْهَا: تجوز شهادةُ الوصيِّ على الأطفال، ولا يَجُوزُ أنْ يشهدَ لهُمْ بمالٍ؛ لأَنَّه يثبت لنفسه ولاية التصرف، وكذا: لو لم يكن وصيّاً إِلاَّ في تفرقة الثلث؛ لأنَّه إذا زاد المال، اتَّسَعَ الثلُثُ الَّذي هو محل التصرُّف، ولو كان وصيّاً في مال معيَّن، فشهد بمال آخر، جاز.
هذا شرح ما في الكتاب.
ويجوز أنْ يوكِّل الوصيُّ فيما لم تجر العادةُ بمباشرته لمثله، ولا يبيع شيئاً من مال كبار الورثة [بغير إذنهم] (?) وعن أبي حنيفة -رحمه الله- أنَّه إِذا كان بيع جميعِ، العينِ أَصلح للصَّغير والكبير، فله البيعُ من غير إِذْنِ الكبير، وإِذا أَوصَى بثلثِ ماله، وليس له إِلاَّ عبدٌ، لم يَبع، الوصيُّ إِلاَّ ثلثه، وجوَّز أبو حنيفة -رحمه الله- بَيْع الجميعِ، ولو كان الوصيُّ والصبىُّ شريكَيْن، فلا يستقلُّ بالقسمة؛ لأنَّها، إنْ كانت بيعاً، فليس له تولِّي الطرفين، وإنْ كانت إفراز حقٍّ، فليس له أنْ يقبض لنفسه من نفسه.
وفي "فتاوى القفَّال" -رحمه الله-: أنَّه ليس له خلْطُ حنطتِه بحِنْطَة الصبيِّ ولا دراهمه بدَارَهِمِهِ؛ وقوله تعالى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ} [البقرة: 220]، محمولٌ عَلَى ما لا بدَّ منه للإرفاق، وهو خلطُ الدقيقِ بالدَّقيق، واللحم باللحم؛ للطَّبخِ ونحو، وأنَّه لو أَوصَى إلَى رجل، فقال: بيع أرضِي الفلانيةِ، واشترِ مِنْ ثمنها رقبةً، فأعتقها عني [وأحج عني] واشتر من الخبز مائةً منٍّ، فأطعمه الفقراءَ فباع الأَرض بعَشَرة، وكانَ لا تُوجَدُ الأرض بأقَلَّ من عشرة، ولا يوجد الحجُّ بأقلَّ من عشرَةٍ، ولا يُباعُ الخبزُ بأقلَّ من خمسةٍ، فتوزع العشَرةُ عليها عَلَى خمسة أسهمٍ، ولا يحصُلُ الإِعتاق والحَجُّ بحصتهما، فيضم إلَى حصةِ الخُبْز تمامُ الخمسة، وتنفذ فيه الوصيةُ ويردُّ الَباقي على الوَرَثَةِ؛ كما لو أَوصَى لكلِّ واحدٍ من زيد وعمرٍو بعَشَرة، وكان ثلاثة عشر، ورد أحدهما يدفع العَشَرة إلى الآخر، ولو قال: اشتَرِ مِنْ ثلثِي رقبةً، فأعتقها، وأحج عني، واحتاجَ كلُّ واحدٍ منهما إلى عشرة، فإن قلنا: يقدَّم العتقُ، صُرِفَتِ العشرةُ إلى العتْق، وإِلا، فينبغي أنْ يُقْرَع بينهمالأولا يُوزَّع، إذُ لو وُزِّعت العَشَرة، لم يحصلْ واحدٌ منهما، وفي "الجرجانيات"