المودع إِلاَّ عند أمين، وإن كان يجوزُ أن يُوكِّل الفاسق في ماله ويودِعَهُ إِياه.
والخامس: كفايةُ التصرُّف؛ فلا يجوزُ الوصاية إلَى من يَعْجَزُ عن التصرُّف، ولا يهتدي إليه لسفه، أو هرم، أو غيرهما، هذا هو الظاهُر، وقد تعرَّض له الحنَّاطِيُّ، فقال: لا يجُوزُ الوصاية إلى محْجور.
والقاضي الرويانيُّ، فقال: لا يجوزُ أن يكون الوصيُّ مغفَّلاً، وربما دَلَّ كلامُ الأصحاب عَلَى أن هذا الشرطَ غير مرعيِّ، ويوافقه ظاهرُ قولهم: أنَّ شروط الوصيِّ خمسة؛ الإسلام، والعقْل، والبلوغ، والحرَّية، والعدَالة.
وفي جواز التفويضِ للأعمى وجهان وجه المنع: أنَّه لا يقدر على البَيْع والشِّرَاء لنَفْسِه، فلا يحسن أن يفوَّض إليه أمر غيره.
والأظهرُ: الجواز، وبه قال أبو حنيفة، ويوكّل فيما لا يتمكَّن من مباشرته، فعلى الأول: تصير الشروط ستةٌ.
وزاد الرويانيُّ وآخرونَ شرطاً سابعاً؛ وهو ألاَّ يكون الوصيُّ عدوّاً للطفل الذي يفوض إليه أمره. وحصروا الشروطَ جميعاً بلفظ مختصرٍ، فقالوا: ينبغي أن يكون الوصيُّ بحيثُ تُقْبَلُ شهادته على الطِّفْل (?)، وكلُّ ما اعتبر من الشروط، ففي وقتِ اعتباره ثلاثةُ أوجه:
أظهرهما: وبه قال ابن سُرَيْج، وأبو إسحاق -رحمهما الله-: يعتبر حالة المَوْت؛ كما أن الاعْتبار في الوصيَّة بحالة الموت، وكما أنَّ الشاهد تعتبرُ صفاتُه عند الأداء.
والثاني: أنه يُعْتَبَرُ عند الوصاية والمَوْت جميعاً، فتلك حالةُ التفويض، وهذه حالةُ الاشتغال بالتصرُّف.
والثالث: أنه يُعتَبَرُ في الحالتين، وفيما بينهما؛ لاحْتِمَالِ المَوْتِ والحَاجَة إلى التصرُّف.