انقطاعه، أما إذا ولدت قبل تمام خمسة عشر من انقطاعه، فهل يكون حيضًا؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأنه لم يتخلّل بينه وبين النّفاس طهر كامل.
وأصحّهما: أنه حيض أيضاً على هذا القول؛ لأنه قد تقدمه طهر كامل ونقصان الطهر إنّما يؤثر فيما بعده لا فيما قبله وهاهنا لم يؤثر فيما بعده؛ لأن ما بعد الولد نفاس بلا خلاف، فأولى أن لا يؤثر فيما قبله، وعند هذا لا نسلم اشتراط تخلّل الطهر الكامل بين الدمين مطلقاً، وإنما يشترط ذلك إذا كان كل واحد منهما حيضًا وهاهنا أحدهما نفاس.
ولو رأت الحامل الدم على عادتها وولدت على الاتصال بآخره ولم يتخلل طهر أصلاً ففيه هذان الوجهان، ولا خلاف في أن ذلك الدم لا يعد من النفاس؛ لأن النفاس لا يسبق الولادة، بل هو عند الفقهاء عبارة عن الدم الذي يخرج عقب الولادة، ولهذا قطع معظم الأصحاب، بأن ما يبدو عند الطَّلق ليس بنفاس أيضاً، وقالوا: ابتداء النفاس يحسب من وقت انفصال الولد.
وحكى صاحب "الإفْصَاح" وجهاً فيما يبدو عند الطلق: أنه نفاس لأنه من آثار الولادة، ثم على طريقة المعظم، كما لا نجعل ذلك الدم نفاسًا لا نجعله حيضًا كذلك، ذكره القاضي أبو المكارم (?) في العدة، ورأيته لأبي عبد الله الحناطي أيضاً.
وحكى مع ذلك وجهاً آخر أنه حيض على قولنا: الحامل تحيض وإذا كان الظاهر في هذه الصورة أنه ليس بحيض أيضاً وجب أن يستثنى هذا الدم عن صورة القولين في دم الحامل، فإنها حامل بعد في تلك الحالة.
وأما الدم الخارج مع الولد فهل هو نفاس أم لا؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم، وبه قال ابن القاص وأبو إسحاق؛ لأنه خارج بسبب الولادة فصار كالخارج بعدها.
وأصحهما: لما ذكرنا أنه لم يخرج عقيب الولادة. وقول الأول يشكل بالبَادي عند الطّلق، فإن كلا من الأصحاب استبعد عده من النِّفاس. ثم على الوجه الثّاني ما حكم ذلك الدم.