قال الرافعي: أكثر النِّفاس ستُّون يوماً، خلافاً لأبي حنيفة وأحمد، حيث قالا: أكثره أربعون يوماً، ورووا عن مالك فيه روايتين:

أحداهما: مثل مذهبنا، والأخرى: أنه لا حد له، ويرجع إلى أهل الخبرة من النساء فتجلس أقصى ما يجلس النساء] (?).

لنا الرجوع إلى ما وُجدَ وَعُهِدَ كما ذكرنا في الحَيْض، وقد روى عن الأوزاعي أنه قال: عندنا امرأة ترى النِّفاس شهرين، وعن ربيعة: أدركت النساء يقلن أكثر ما تنفس المرأة ستُّون يوماً.

ولك أن تعلّم المسألة مع الحاء والألف والميم بالقاف؛ لأن أبا عيسى التِّرمذي روى في جامعه عن الشافعي -رضي الله عنه- أن دم النِّفاس إذا جاوز الأربعين، لم تدع الصلاة بعد ذلك (?)، فحصل قول على موافقتهم ووجهه ما روي عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: "كَانَتِ النَّفَسَاءَ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَرْبَعِينَ يَوْمًا" (?).

وهذا على ظاهر المذهب محمول على الغالب ولا شك في أن غالب النّفاس أربعون يوماً.

وأما أقله فلا حد له. ويثبت حكم النّفاس لما وجدته قل أو أكثر، والمعنى فيه الرجوع إلى الوجود كما ذكرنا.

ولك أن تعلّم المسألة بالحاء، لأنه روى عن أبي حنيفة في أقل النّفاس ثلاث روايات:

إحداها: مثل مذهبنا وهي الأظهر.

والثانية: أنه أحد عشر يوماً.

والثالثة: خمسة وعشرون يوماً، وبالزاي لأن المُزْنِيَّ قال أقله أربعة أيام؛ لأن أكثر النّفاس، مثل أكثر الحيض أربع مرات فليكن أقله مع أقله كذلك.

واعلم أنه لا فرق في حكم النّفاس وبين أن يكون الولد حيًّا أو ميّتًا كامل الخِلْقَة أو ناقصها. ولو ألقت عَلَقَةَ أو مُضْغَةً، وقالت القوابل: إنه ابتداء خلق الآدمي، فالدم الذي تجده بعده نفاس ذكره في "التَّتمة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015