الوصيَّة بمنفعة العبد مدةَ حياتِهِ، وكذا الحكمُ فيما إذا أوصَى بمنفعته مدةً مقدرةً من شهر أو سنةٍ، وحُكِيَ عن رواية أبي علي الطبريِّ؛ وغيره وجّهٌ آخرُ؛ أنها لا تنتقل إلَى وَارث الموصَى له لا عند الإطلاق ولا إذا قدر بمدَّة معْلُومَة، ومات الموصَى له قبل انقضائها، والمذهبُ المشهورُ الأوَّلُ.

أما إذا قال: أوصيتُ لك بمنافعه مدة حياتِكَ، فهو إباحةٌ، وليس بتمليكٍ، فليس له الإجارة، وفي الإعارة وجهان (?). وإذا مات الموصَى له، رجع الحقُّ إلى ورثة الموصِي، ولو قال: أوصيتُ لك أن تَسْكُنَ هذه الدار، أو بأن يخدمك هذا العبْدُ، فهو إباحةٌ أيضاً، لا تمليكٌ؛ بخلاف قوله: "أوصيتُ لكَ بسُكْنَاها أو خدمته" هكذا ذكره القَفَّال وغيره، لكنا ذكرنا وجهَيْن فيما إذا قال: اسْتَأْجَرْتُكَ لتَفْعَلَ كذا، أنَّ العقْدَ الحاصلَ إجارةُ عَيْنٍ، أم إجارةٌ في الذِّمَّة؟ فإنْ قلنا: إنه إجارة في الذِّمَّة، فينبغي ألا يفرق هاهنا بين قوله: "بأن يسْكُنَهَا، أو بِسُكْنَاهَا".

وفي "فتاوى القفَّال": أنه لو قال: أطعموا فلاناً كذا مَنَّاً منْ الخبزِ منْ مَالِي، اقتضى تمليكَهُ، كما في إطعام الكفارة، ولو قال: اشتَرُوا الخُبْزَ، واصرفوه إلَى أهْل محلتي، فسبيله الإباحةُ، هذا هو الأصل.

وأما الفروع: فمنها ما يتعلق بجانب الموصَى له فيملك إثبات اليد على العبد الموصَى بمنفعته أو منافعه، وإكسابه المعتادَةِ من الاحتطاب والاصطياد، وأجرة الحِرْفَة؛ فإنها أبدال منافعه، وفي الأكساب النادرة؛ كالموهوب والملتقط وجهان:

أظهرهما: المنع، فإنَّها لا تقصد بالوصية، وذكر الحناطيُّ، أبو الحسنِ العباديُّ الوجهَيْنِ في مطلق الأكساب، وسيأتي في آخر الفصل ما يحقِّق روايتهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015