قلنا: إن الملك في زمان الخيار للبائع، فقدْر المحاباة من الثلث، وإلا، فلا (?)؛ لأنه ليس بتفويت، وإنَّما هو امتناعٌ من الاكتساب، والاستدراك، فصار كما إذا أفلس المشتري، والمبيع قائمٌ عنده، ومَرِضَ البائع فَلَمْ يفسخ، أو قدر عَلَى فسخ النكاحَ بعَيْبِ فيها، فلم يفعْل حتَّى مات، واستقر المهر، فإنه لا يُعْتَبَرْ من الثُّلُث.
وكذا لو اشترَى بمحاباة، ثم مرض، ووجد بالمبيع عيبًا، ولم يرد مع الإمكان، لا يُعْتَبَرُ قدر المحاباةِ مِنَ الثلث (?)، ولو وجد العيب، وتعذَّر الرد بسبب، فأعرض عن الأرش، اعتُبِرَ قَدْرُ الأرش من الثلث، وقدْرُ المحاباة في الإقالة يُعْتَبَر من الثلث، كما في البيع والشراء، وخُلْعُ المريض، لا يُعْتَبَرُ من الثلث؛ لأنَّ له أن يُطَلِّقَ مجانًا، ولأن الوارث لا ينتفع ببقاء النِّكَاح، وأما خلع المريضة، فمذكور في الكتاب في "باب الخلع".
قَالَ الْغَزَالِيُّ: (فَإِنْ قِيلَ): فَكَيْفَ يُحْسَبُ مِنَ الثُّلْثِ (قُلْنَا): إنْ كَانَتِ التَّبَرُّعَات مُنْجَزَةٌ علَى التَّرْتِيبِ قُدِّمَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ هِبَةٌ وَإِقْبَاضٌ فَهِيَ أَوْلَى مِنَ العِتْقِ بَعْدَهَا، وَإِنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا وَضَاقَ المَالُ أُقْرعَ (ح) بَيْنَهُمْ، وَإِنْ وَهَبَ عَبِيدًا نَفَذَ فِي بَعْضِ كُلِّ عَبْدٍ لَأَنَّ التَّشْقِيصَ في العِتْقِ مَحْذُورٌ لِوُرُودِ الخَبَرِ فِيهِ، وَإِنْ أَضَافَ الْكُلَّ إلي المَوْتِ فَفِي تَقْدِيمِ العِتْقِ عَلَى غَيْرِهِ قَوْلاَنِ، وَلاَ يُقَدَّمُ (و) الْعِتْقُ عَلَى الوَصِيَّةِ بِالعِتْقِ، وَهَلْ تُقَدَّمُ الكِتَابَة عَلَى الهَبَاتِ؟ خِلاَفٌ (و)، وَالكتَابَةُ مَحْسُوبَةَ (ح) مِنَ الثُّلُثِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الفصلُ الثالثُ في كيفيَّة الاحْتِسَاب من الثُّلُثُ، إذا وُجِدَ تبرُّعان فَصَاعِدًا، وضاق عنهما الثُلُث، فهي إما منجَّزةٌ، أو معلَّقة بالموت، أو هي من النوعَيْنِ جميعاً: