"الإملاء" في الصورة الرابعة: المَنْع، وللأصحاب فيهما طريقان (?):
أظهرهما: وبه قال المزني أنَّها جميعاً عَلَى قَولين بالنقل والتخريج:
وأحدُهما: أنَّها غير ملتحقةٌ بالمرض المَخُوف؛ لأنه لم يُصبْ بدَنَهُ شيْءٌ.
وأظهرهما: وبه قال أبو حنيفة، ومالك، والمزنيُّ -رحمهم الله- الالتحاقُ بها، لأنها أحوالٌ تستعقب الهلاك غالباً.
والثاني: الجريانُ عَلَى ظاهر النصين، والفرق بين الصُّور الثلاث.
والرابعة: أنَّه إذا التحم القتال لا يَرْحَمُ بعضُهم بعضاً، والبحر لا يحابِي، والكافرُ لا يَرْحَمُ المسلم لكن مستحِقّ القصاص لا تَبْعُدُ منه الرحمة، والعفْوُ بعد القُدْرة إما طمعاً في الثواب، أو في المَالِ. وعن صاحب "التقريب" أنه إنْ كَان هناك ما يغْلِبُ على الظَّنَّ أنَّه يقبض من شدَّة حقد، أو عداوةٍ شديدة، فهي مخوف، وإلاَّ، فلا، ثم موضع الخلاف فيِ صورة التحامِ القِتَالِ ما إذا كان الفريقانِ متكافِئَيْن، أو قَرِبَيْنِ من التكافؤ، وإلاَّ، فلا خوْفَ في حقِّ الغالب، بلا خلاف، ولا خلافَ أَيضاً فيما إذا لم يلتحمِ الحرب، ولم يختلط الفريقان، وإن كانا يتراميان بالنِّشاب والحراب، ولا فيما إذا كان البحر ساكناً، ولا في الأسير في يد الكفار الدين لا يقتلون الأَسَارَى كالرُّوم (?).
الخامسة: إذا قُدِّم؛ ليقتل رجماً في الزنا أو ليُقتل في قطع الطريق فالحكم كما في صورة التحام القتالِ ونَظَائِرِها؛ لأنَّه ليس في موضع العفْوِ والرَّحْمَةِ بخلاف ما إِذا قُدم للقصاص، فعلَى طريقه فيه القولان، وعلى الثاني يقطع بكونه مَخُوفاً، ومنهم من فَرَقَ بين أن يَثْبُت الزنا بالبينة أو بالاقرار؛ لاحتمال الرجوع.