وقد أَطْلَقَ في "المختصر" أنه ليس بمخوف، وبهذا الإطلاق أخذ آخذون، حتى صرح أبو عبد الله الحَنَّاطِيُّ بأنه ليس بمخوف، لا في أوله، ولا في آخره، ووجَّهوه بأن السُّلَّ، وإن لم يسلم منه صاحبُه غالباً، فإنه لا يخشى منه الموت عاجلاً، فيكون بمثابة الشيخوخة والهرم.

وحكَى الشيخ أبو إسحاق الشيرازيُّ [وصاحب الكتاب] (?) أن السُّلَّ في انتهائه مخُوفٌ، وفي ابتدائه ليس بمخوف. وكان سببه أنه أن تتطاول مدته، فابتداؤه لا يخَافُ الموْتُ منْه عاجلاً، فإذا انتهى، خِيفَ، لكنَّ هذا المعنَى يقتضى أن يكون آخر الفَالِجَ مخوفاً أيضاً، وعكس البغوي في "التهذيب"؛ فقال: ابتداؤُه مخوفٌ، فإذا استمرَّ، فليس بمخوف؛ لأنَّ الغالِبَ أنَّه إذا دام لا يقتل عاجلاً، ويبقى مدة، فهو كالهرم، وهذا كما سنذكره في الفَالَجِ، فحَصَلَتْ، فيه ثلاثة مذاهب كما تَرَى.

وأشبهها بأصل المذهب: الأول.

ومنها: الدِّقُّ مخوف؛ وهو داءٌ يصيبُ القَلْب، ولا تمتد معه الحياةُ غالباً.

ومنها: الفالَجُ (?)؛ وسببه غلبةُ الرُّطُوبة، والبلغم، وابتداؤه مَخُوف؛ لأنه إذا هاج رُبَّما أطفا الحرارة الغريزية، وأهلك، فإذا استمر لم يُخَفْ منه الموتُ عاجلاً، فلا يكون مخوفاً، وفيه وجه: أنه إذا استمر مع ارتعاش، لم يكُنْ مخوفاً؛ وإلاَّ فهو مخوف.

ومنها: الحمَّى الشديدةُ؛ وهي ضَرْبَانِ: مطبقة، وغير مطبقة.

فالمُطْبِقَةُ: هي اللازمة التي لا تبرح، فإن كانت حمَّى يوم أو يومَيْن، لم تكن مخوفاً، وإن زادَتْ، صارت مخوفة، وفيه وجه آخر أن الحمَّى من أول حدوثها مخوفة، وهذا الخلاف فيما نقل أبو الحسن العباديُّ، وغيره ناشئ من الاختلاف في قراءة لفظ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015