الكلابِ مما يقتني وتعتوره الأيدي كالأموال، فقد يُسْتَعَار له اسْم المال.
ولو قال: أعطوه كلباً من كلابي، أو من مالي، ولَيْس له كلْبٌ يُنْتَفَعُ به، بطَلَتِ الوصيَّة، بخلاف ما إذا قال: أعطُوه عبداً من مالي، حيث يُشْتَرَى العبدُ، والكَلْب يتعذر شراؤه (?). ويمكن أن يُقَال: لو تبرَّع متبرِّع، وأراد تنفيذ وصيته من عنده، يجوز كما لو تبرَّع بقضاء دينه.
والثاني: من لا مال له، وله كلْبٌ، فأوصى به، لم تَنْفُذِ الوصية، إلاَّ في الثلث؛ لأنه شيء منتفع به؛ فلم يكن له تفويتُ جميعه على الورثة كالأموال وإن أوصَى ببعضه، أو كان له كلابٌ، فأوصى ببعضها، ففي "أمالي" أبي الفرج الزاز وجّهٌ: أنه لا يُعْتَبَرُ خروجُ الموصَى به من الثلث؛ لأنها غير متقومة، ويكفي أن يَتْرُكَ شيئاً للورثة، وإن قلّ والمشهور اعتباره كما في الأموال، وعلى هذا؛ فإن لم يكن إلاَّ كلْبٌ واحدٌ، لم يخْفَ اعتبار الثلث منه. وإن كان له كلاب، ففي كيفيته وجوه:
أحدها: وبه قال صاحب "التلخيص": أنه يُنظر إلى قيمتها بتقدير المالية فيها، كما يُقدَّر الرِّقُّ في الحُرِّ عند الحاجة، وتنفذ الوصيَّة في الثلث بالقيمة.
والثاني: أنَّه يُنْظَرُ إلى عدد الرؤوس وتنفذ الوصيةُ من ثلاثة (?) في واحد، وكلام الناقلين يشعر بترجيح هذا الوجّه، ومنهم من لا يَذْكُر غيره.
والثالث: أنَّه تُقوَّم منافعها؛ لأنه لا مالية للدوابِّ، ويؤخذ الثلث من قيمة المنافع، ومن لم يملك إلاَّ كلباً، وطَبْلَ لَهْو، وزقَّ خَمْرٍ محترمة، فأوصَى بواحد منها، وأردْنا اعتبار الثلث، لم يجز الوجه الثاني، ولا الثالث (?)؛ لأنه لا تناسب بين الرؤوس، ولا بين المنافع؛ فتعيَّن اعتبار القيمة. فإذا إذا لم يكن للموصِي بالكلْب مالٌ، أما إذا كان له