يجُوز اقتناؤه أيضاً، وقولاً: أنه لا يجوز الوصيَّةُ بالمقتَنى المنتفع به من الكِلاَب، كما لا تجوز هبته علَى رأي، وهما غريبان. وتصحُّ الوصية بنُجُوم الكتابة؛ وإن لم تكنْ مستقرَّةَ، فإنْ عجز، فلا شَيْء للموصَى له، وتصحُّ برقبة المكاتَب، إن جوَّزنا بيعه، وإلا، فقد قال في "التتمة": هي كما لو أوصَى بمال الغير، فإذا أَوصى بمال الغير؛ فقال: أوصيتُ بهذا العبد، وهو ملك لغيره أو بهذا العَبْد، إن ملكته، فوجهان:

أحدهما: أنَّها صحيحةٌ؛ لأنَّ الوصيَّةَ بغير الموجُود جائزةٌ، فغير المملوك أَوْلَى.

والثاني: المنعُ؛ لأنَّ مالكهُ يتمكن من التصرُّف بالوصية، والشيء الواحدُ لا يجُوزُ أن يكون محلاً لِتصرُّف شخْصَيْنِ، وبهذا أجاب صاحبُ الكتابِ في "الوسيط" (?).

والوصيَّة بالأصنام، والسلاح للذميِّ، والحربيِّ، وبالعبدِ المُسْلِم، والمَصَاحِفِ للكافر، بمثابة بَيْعها (?)، هذه مسائل الفَصْل وما يتعلَّق بها.

وأما ضبط الموصَى به، فصاحب الكتاب -رحمه الله- اعتبر فيه ثلاث أُمور:

أحدها: أن يكون مقصوداً، فَيَخْرُج عنه ما لا يُقْصَدُ (?)، ويلتحقُ به ما يَحْرُم اقتناؤه، والانتفاع به، والمنفعة المحرمة كالمعْدُومة.

والثاني: أن تقبل النقل من شخص إلى شخص، فما لا يمكن نقلُه لا تصحُّ الوصية به، ويخرج بهذا القيد القصاصُ، وحدُّ القذف (?)؛ فإنهما إنِ انتقلا بالإرْث، لا يتمكن مستحقهما من نقلهما إلَى غيره، فلا جرم، لا تجوز الوصيةُ بهما؛ والسبب أن القِصَاص، وحدَّ القذف شُرِعَا للمنتقم المستشْفِي باستيفائهما, وليس الموصَى له في ذلك كالوارث. وكذلك لا تجوز الوصيَّة بالحقوق التابعة للأموال، كالخيار، وحقِّ الشُّفعة، إنْ لم تبْطُلْ بالتأخير لتأجيل الثمن.

والثالث: ألاَّ يزيد على الثُّلُثِ، على ما سيأتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015