ولو خلَّف ابْنَي عمٍّ، أحدُهما أخٌ لأمِّ، وخلَّف سواهما أخوَيْن لأمٍّ، أحدهما ابنُ عمٍّ، فالحاصِلُ أنه خلَّف أخوَيْن، هما ابْنَا عَمٍّ، وأخاً ليْسَ بابن عمٍّ، وابنَ عَمٍّ ليس بأخ، فالثلثُ للإخْوَة الثلاثة، والباقي لبني العمِّ من الثلاثة، ولابْنِ العمِّ الذي ليْسَ بأخٍ بالعُصُوبة، والله أعلم.
قال الغَزَالِيُّ: أما عَصَبَاتُ المُعْتِقِ، فإن كانَ لِلمُعْتِقِ أُمٌّ وَابْنِ فَالعُصُوبَةِ للابنِ، وَلاَ يَثْبُتُ الإِرْثُ بِالوَلاَءِ لِلْإِنَاثِ إلاَّ إِذَا كَانَتِ المَرْأَةُ مُعْتِقَةً، وَأَخُ المُعْتِقِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ يُقَدِّمُ عَلَى الأخِ لِلْأَبِ كما في النَّسبِ، وَقِيلَ: لاَ يُقَدَّمُ إِذْ لاَ أَثَرَ لِقَرَابَةِ الأُمُومَةِ في الوَلاءِ، وَلَوِ اجْتَمَعَ جَدُّ المُعْتِقِ وَأَخْوهُ فَقَوْلاَنِ (أَحَدَهُمَا): أنَّهُمَا يَسْتَوِيانِ (ح م) لاِسْتِوَاءِ القُرْبِ (وَالثَّانِي): أنَّ الأخَ مُقَدَّمٌ لِأَنَّهُ ابْنُ أَبِ المُعْتِقِ، وَالإِدْلاَءُ بِالبُنُوَّةِ أَقْوَى في العُصُوبَةِ، وَالوَلاَة يَدُورُ عَلَى العُصُوبَةِ المَحْضَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قدْ مَرَّ أن من لا عَصَبَةَ له من النَّسَب فمَالُهُ، أو ما يَفْضُلُ عن الفروض لمعتِقِهِ، إنْ كان عَتِيقاً.
وإنَّما يُؤَخَّر الولاءُ عن النَّسَب؛ لِمَا رُوِيَ أنَّ رجلاً أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- برَجُلِ، فقال: إني اشْتَرَيْتُهُ، وَأَعْتَقْتُة، فَمَا أمر ميراثه؟ فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "إنْ تَرَكَ عَصَبَةً، فالعَصَبَةُ أَحَقُّ، وَإلاَّ، فَالْوَلاَءُ لك" (?).
وأيضاً، فالنَّسَبُ أَقْوَى من الولاء؛ لأنَّه يتعلَّق به المحرميَّة، ووجوبُ النَّفقة، وسقُوطُ القِصَاص، وردُّ الشهادة، ونَحْوُها، ولا فرق بين أن يكونَ المعتِقُ رجُلاً أو امرأةً؛ لقولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الوَلاَءُ لِمَنْ اعْتَقَ" (?)، ولأن الإنعام بالإعْتَاقِ موجودٌ منهما، فاستَوَيَا في الإرْث، فإنْ لم يوجَدِ المعتقُ، فالاستحقاق لعصابته [من النَّسَب] الَّذين يتعصَّبُون بأنفسهم دُون من يعصبهم غيرهم، حتَّى لو ماتْ ولمُعْتِقِهِ ابنٌ وبنْتٌ، فلا حَقَّ للبنْتِ، وكذا في الأخِ والأُخْتِ.
وكذا لو كان لَه أَبٌ وأُمٌّ، بل لا يَرِثُ النِّسَاء بالولاء إلاَّ ممن أعْتَقْنَ أو أعْتَقَ من