فصل في بيان العصبات وترتيبهم

قَالَ الرَّافِعِيُّ: أكثرُ ما يُسْتَعْمَلُ لفْظ المتقدُّم في العَصَبَاتِ وترتيبهم، ولفظ الحَجْب في ذوي الفروض، وكأنَّه لذلك جمع بين اللفظَيْنِ في ترجمة الفَصْل.

أما العَصَبَاتُ، فالأقربُ منْهم يُسْقِطُ الأبْعَدَ، وقدِ اشتهر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أُلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا أبقت الفَرَائِضُ، فَلأوْلَى عَصَبَةٍ ذَكَرٍ" (?) وقد فسّر "الأولى" بالأقرب وقيل: إنه مأخوذٌ من الولي وهو القُرْب.

وجملة عصباتِ النَّسب: الابنُ والأبُ ومَن يُدْلِي بهما، وأَوْلاَهُمُ الابن، وإنما يقدَّم على الأب؛ لأنَّ الله تعالَى جعَلَ للأبِ معه السُّدُس، وأعطاه الباقي، وأيْضاً، فلابن يعصب أخته، والأبُ لا يعصِّب أختَهُ، فاحتجَّ بذلك على قوَّةِ عصوبَتِهِ، ثم الأَوْلَى بعد البنين بنُوهُمْ، وإن سَفَلُوا، ثم الأب، لأنَّ سائِرَ العصَبَاتِ يُدْلُون به، وبعْده الجَدُّ والإِخوة من الأبوَيْنِ أو مِنَ الأَب في درَجَةٍ واحدةٍ، ولذلك يتقاسَمُون عَلَى ما سيأتي -إنْ شاءَ الله تعالَى- وأبو الجَدِّ، وإنْ علا، مع الأخ كالجَدِّ مع الأخ، يتقاسمون لقوَّة الجُدُودَةِ، ووقوعِ الاسم على القَرِيبِ والبَعِيدِ، هذا ما نصَّ علَيْه، وهو المذْهَب.

وقال الإمامُ الذي رأَيْتُهُ في ذلك [يعني الأصحاب] أنَّ أبا الجَدِّ لا يسقط بالأخ، ولكنْ لا يقاسم الأخ، بل له السدُسُ، والباقي للأخِ، ثم قال: وفي القلب من هذا شَيءٌ، وأَبْدَى المذهبَ المنْصُوص عليه (?) كما يُبْدِي الاحتمالاتِ (?)، وإذا لم يكنْ أخٌ، فالأَوْلَى الجَدُّ ثم أَبُوه، وإنْ علا، ويسقط ابن الأخ بالجَدِّ العالي سقُوطَهُ بالجَدِّ الأدنى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015