أَحَدُهُمَا: أنَّه أَقْوَى مِنَ العَصَبَاتِ، وهَذَا شَأْنُ العَصَبَةِ إِذَا انْفَرَدُوا.

والثاني: أنَّ منْ خَلَّفَ ابْناً وبنْتاً، أَخَذَا الابْنُ ضِعْفَ ما أخَذَتِ البنْتُ، إذا انْفَردَتْ تأْخُذُ النِصْفَ، والابن إذا انفردَ وجَبَ أنْ يأْخُذَ ضعْفَها، وهو الكُلُّ، وكذلك الاثنانِ والجماعةُ منَ الأبناء يستغرقُونَ المَالُ للبنْتِ الواحدَةِ النِّصْفُ؛ لقولهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] وللبنتَيْنِ فصاعداً الثُّلُثَانِ؛ لما رُوِيَ أنَّ امرأةً مِنَ الأَنْصَار أَتَتْ رسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَعَها ابنتان، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هاتان ابْنَتَا سَعْدٍ بْنِ الرَّبِيع، قُتِلَ أَبُوهُمَا مَعَك يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَخَذَ عَمُّهُمَا مَالَهُ، ووَاللهِ، لا تُنْكَحَانِ وَلاَ مَالَ لَهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: يَقْضِي اللهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ فَنَزَل قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] فَدَعَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- المرأةَ وَصَاحِبَهَا، فَقَالَ: "أَعْطِ البِنْتَينِ الثُّلُثَيْنِ، وَالْمَرأَةَ الثُّمُن وَخُذِ الْبَاقِي" (?).

ولَمَّا بينت السُّنَّةُ ذلك، قيل: كلمةُ "فَوْقَ" زائِدَةٌ كقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} [الأنفال: 12]، وقيلَ: المعنى اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا.

وإذَا اجتَمَعَ البَنُونُ والبَنَاتُ، فللذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يُوصِيكمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ} [النساء: 11] الآية.

هَذَا حُكمُ أَوْلادِ الصُّلْب، إِذَا انْفَرَدُوا، ولَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أولادُ الابْنِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ أولادِ الابْنِ، إِذَا انْفَرَدُوا بِلاَ فَرْقٍ، والله أعلم.

قال الغَزَالِيُّ: وَإذَا اجْتَمَعَ أَوْلاَدُ الصُّلْبِ وَأَوْلاَدُ الابْنِ فَإِنْ كَانَ في أَوْلاَدِ الصُّلْبِ ذَكَرٌ سَقَطَ أَوْلاَدُ الابْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نُظِرَ، فَإِنْ كانَتْ بنْتٌ وَاحِدَةٌ فَلَهَا النِّصْفُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلى أَوْلاَدِ الابْنِ فَإِنْ كانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ فَالبَاقِي بَيْنَهُمْ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، وإنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرٌ فَسَوَاءٌ كانَت بِنْتٌ وَاحِدَةٌ أَوْ بَنَاتٌ فَلَهَا أَوْ لَهُنَّ السُّدُسُ تكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، أَمَّا إِذَا كَانَ مِنَ الصُّلْبِ بِنْتَانِ فَصَاعِداً فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَوْلاَدِ الابْنِ ذَكَرٌ سَقَطْنَ إِذْ لَمْ يَبْقَ منْ فُرُوضِ البَنَاتِ شَيْءٌ وَهوَ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ فَلَهُ المَالُ، أَوْ ذَكَرُ مَعَ الأُنْثَى فَالمَالُ لَهُمْ، وَتَتَعَصَّبُ الأُنْثَى بِأَخِيهَا، وكَذَا بِذَكَرٍ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهَا كَابْنِ أَخِيهَا أَوْ ابْنِ ابْن أَخِيهَا وَإِنْ سَفَلَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015