-صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "فَمَا أبْقَتِ الفَرائِضُ فَلأَوْلَى عَصَبَةٍ" (?).

ومِثْلُ هَذَا الشخْصِ عَصَبَتُهُ المُسْلِمُونَ؛ ألا تَرَى أَنَّهُم يتحمَّلُون عَنْهُ الدِّيَةَ، ومَا ذَكَرْنَا مِنْ منْعِ توْرِيثِ ذَوِي الأرْحَام، ومنْعِ الرَّدِّ فيمَا إذَا انتظمَ أمْرُ بيْتِ المالِ بأَنْ وَلِيَ النَّاسَ إمامٌ عادِلٌ.

أمَّا إذا لَمْ يَكُن إمامٌ، أو لم يكن مستحِقاً للإمَامَةِ، فَفِي مَالِ مَنْ لَمْ يخلِّفْ ذَا فَرْضٍ ولا عَصَبَةٍ أو خَلَّفَ ذَوِي فُرُوضِ لا تَسْتَغرِقُ المَالَ، وجهانِ حكاهما الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ والمُعْتَبَرُونَ.

أظْهَرُهُما، عند أبِي حامِدٍ وصاحب "المهذَّب": أنَّه لا يُصرَفُ إلَى ذَوِي الأرحامِ ولا يُرَد عَلَى ذَوِي الفُرُوضِ أَيْضاً؛ لإنَّ الَحَقَّ فيه لِعَامَّةِ المُسْلِمِينَ، فلا يَسْقُطُ بِفِقْدانِ منْ ينُوبُ عَنْهُمْ.

والثانى: أنَّه يُصْرَفُ وَيُردُّ؛ لأنَّ المَالَ مصْروفٌ إلَيْهِمْ أو إلَى بيْتِ المَالِ بالاتِّفَاقِ.

فإذَا تَعذَّرت إحْدَى الجهتَيْنِ، تعينت الأخْرَى، ولو تَوَافَقَتَا، لعَرَّضْنَا المالَ للفَوَاتِ والآفاتِ، وهَذَا ما اخْتَارَهُ الق! اضِي ابنُ كَجٍّ، وأفتى (?) به أكَابِرُ المتأخرينَ (?).

التفريعُ: إنْ قُلْنَا: لا يُصْرَفُ إلَيْهِمْ، وَلا يُرَدُّ، فإن كَانَ المَالُ في يدِ أمينٍ؛ قَالَ في "التتِمَّةِ": يُنْظَر: إنْ كَانَ في البَلَدِ قاضٍ، بشَرائِطِ القضاءِ، مأذونٌ في التصرُّفِ في مالِ المصالح، وَدُفِعَ إليهِ؛ لِيَصْرِفَهُ فِيهَا، وإنْ لم يَكُنْ قَاضٍ، أو لَمْ يكِنْ بشرائِطِ القَضَاءِ، صَرَفَهُ الأمِينُ بِنَفْسِهِ إلى المصالِحِ، وإنْ كَانَ هُنَاكَ قاضٍ بشَرْطِ القَضَاءِ، لكنه لم يُؤْذَنْ لهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015