نظنُّهُ، وهذا يدل على أنَّ تبعيَّة الدارِ ضعيفةٌ، وإنِ اقتصر علَى مجرَّد الدعوةِ، ففيه خلافٌ، وذلك أنَّ المُزَنيَّ حَكَى في "المختصر" عن نصِّ الشافعيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّه إذا قال: أحْبَبْتُ أنْ أجْعَلَهُ مُسْلِماً في الصلاة عليه، وإن أمره بالإسْلاَم، إذا بلغ من غير إجْبَار، وأنَّه -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال في "كتاب الدعوى": أجعله مسلماً، فمن الأصحاب من جعلَهما قولَيْن:
أحدُهما: أنَّه يُحْكَم بكُفْرِه؛ لأنَّه يلْحَقُه بالاستلحاق، وإذا ثبت نسبه، تَبِعَهُ في الدِّين، كما لو قامَتِ البينةُ على النَّسَب.
وأظهرُهما: المنعُ؛ لأنَّا قد حَكَمْنا لهُ بالإسْلاَم، فلا نغيِّره بمجرَّد دعْوَى الكافر، وأيْضاً، فيجوز أن يكونَ وَلَدَهُ، ولكن من مسْلِمَةٍ؛ وحينئذٍ لا يَتْبَعُ الدِّينُ النَّسَبَ.
وقال أبو إسْحَاقَ وغيره: "يَقْطَعُ بأنَّه مسْلِمٌ كما ذكره في الدعْوَى، ويُحْمَل عَلَى ما قاله ههنا عَلَى ما إذا قَامَتِ البينةُ على النَّسَب، وهذا أصحُّ الطريقَيْنِ عِند الأكثرين (?).
والأوَّل هو الذي أورده في الكِتَاب، فليُعْلَمْ لفظُ "الخلاف" بالواو، وسواءٌ قلنا: يتبعُه في الكُفْر أو لا يَتْبَعُة في الكفر، فإنَّه يُحَالُ بينهما كما ذَكْرنا، فيما إذا وصَفَ المميِّزُ الإِسلامَ (?)، ثم إذا بلغ ووَصفَ الكُفْرَ، فإن قلْنا: إنهُ يتْبَعُهُ في الكُفِر يقرر، ولكنه يُهَدَّدُ ويُخَوَّف أوَّلاً، فلعلَّه يُسْلِم، فإنْ قلْنا: لا يتْبَعُهُ، ففي تقريره ما سبَقَ من الخلاف.
قَد مرَّ أنَّ اللقيطَ المَحْكُومَ بإسْلامه يُنْفَقُ علَيْه منْ بيْت المال، إذا لم يَكُنْ له مالٌ، وأمَّا المحْكُوم بكُفْره، ففيه وجهان:
أقْرَبُهُمَا: الإنْفَاقُ أيضاً (?)؛ إذْ لا وجْهَ لنضييعه، وفيه نظرٌ للمسلمين؛ فإنَّه إذا بلغ أَعْطَى الجزيةَ.