المَوْقُوفَةِ عَلَى الإِسْلاَمِ نَظَرٌ، وَمَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ إلَى التَّوَقُّفِ وَبِهِ عَلَّلَ نَصَّ الشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- في سُقُوط القِصَاصِ عَنْ قَاتِلِهِ، وَلاَ خِلاَف في أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ ذِمِّيٌّ بَيِّنَةَ علَى نَسَبِهِ الْتَحَقَ بِهِ وَتَبِعَهُ في الْكُفْر فَيَدُلُّ علَى ضَعْفِ الحُكْمِ بِالإِسْلاَمِ، وَلَوِ اقْتَصَرَ الذِّمِّيُّ عَلَى مُجَرَّد الدَّعْوى، لَحِقَهُ النَّسَبُ، وَفِي تَغَيُّرِ حُكْمِ الإِسْلاَمِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَابعٌ لِلنَّسَبِ خِلاَفٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّما قال: "هِيَ المقصودةُ"؛ لأنَّ الغَرَضَ من عَقْدِ البابِ بيانُ أحْكَامِ اللَّقِيطِ في الإِسْلاَم وغيره.

والجِهَتانِ السَّابقتانِ لا تُفْرَضَان في حقِّ اللَّقِيطِ، حتى يعرِف بهما إسلامهُ، وإنَّما يُحْكَمُ بإسْلامه بهذه الجِهَةِ الثَّالثة.

واللَّقِيطُ، إمَّا أن يُوجَدَ في دارِ الإِسْلاَم أو في دَارِ الكُفْرِ.

وأما دارُ الإسْلاَم، فقد جعَلُوها عَلَى ثلاثةِ أضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: دارٌ يَسْكُنُها المُسْلِمون، فاللَّقِيطُ الذي يُوجَدُ فيها مُسْلِمٌ، وإن كان فيها أَهْلُ الذِّمَّةِ؛ لأنَّه إن كان المسلمون أكثرَ، فالظَّاهرُ أنَّه من أولادهم، وإلاَّ، فيحتملُ أن يَكونَ منْهُم، فيُغلَّبُ حكْمُ الإِسلام (?).

والثاني: دارٌ فَتَحَها المُسْلِمُون؛ وأقرُّوها في يَدِ الكُفَّار بجزية بَعْدما مَلَكُوها أو صَالَحُوهُمْ، ولم يَمْلِكُوهَا، فاللَّقِيطُ فيها مُسْلِمٌ (?)، إن كان فيها مُسْلِمٌ، وإلا فكافرٌ.

وفي "التتمة" وجْةٌ؛ أنَّه يُحْكَمُ بكونه مُسْلِماً؛ لجواز أنَّ فيهم مَنْ يَكْتُمُ إيمانَهُ، وأنَّ اللقيط وَلَدُهُ.

والثالث: دارٌ كان المُسْلِمُونَ يَسْكنُونَهَا، ثم جُلُوا عَنْها، وغَلَب عليها المشركون (?)، فإن لم يكن فيها مَنْ يُعْرَفُ بالإسلام، فهو كافرٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015