امتنَاعهُ، فلاَ يكونُ ضائِعاً، والأحسنُ حَمْلُهُ علَى المنبُوذِ, فإنَّ غَيرَ المنبوذِ، وإنْ لمْ يكُنْ لهُ أبٌ، ولاَ جَد، ولاَ مَضَى من جهتِهمَّا فحفظه مِنْ وظيفة القَاضي، فيسلمه إلى مَن يقومُ بهِ؛ لأنَّهُ كان لَه كافلٌ مَعلومٌ. فإذا فُقِدَ قامَ القَاضِي مقَامَهُ، كما أنَّه يَقومُ بحفظِ مالِ الغَائِبينَ المَفقُودينَ، والمنبُوذِينَ يُشبهُونَ بِاللقَطَةِ، فلمْ يُخْتَصْ حفظهم بالقَاضِي، ذَكَر ذَلكَ الشيخُ أبُو مُحَمَّد.

وأمَّا قَوْلُهُ: "لا كافِلَ لَهُ"، فَالمرادُ مِن الكَافِلِ الأبُ والجَدُ، ومَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَّا، والمُلتَقِطَ مِمَن هُوَ في حضَانةِ أحَدِ هَؤلاءِ، ولاَ مَعنىً لالتِقَاطِه إلاَ أنَّهُ لو حَصَلَ بمَضْيعَةٍ أخذ لِيُرَدُّ إلى حاضنه (?).

وقَولُهُ في وجوب الإشْهَادِ عليه "خَشْيةً مِن الاسترقَاق" لو آخر ذكر خشية الاسترقاق عن قوله: "خلاف مرتب" كان أحسن، فإن خشية الاسترقاق عن خلاف جهة الترتيب. وقَولُهُ: وإنْ كَانَ اللَقيْطُ بَالِغاً، أيْ الذي يَقْصِدُ التِقَاطَهُ، وإلاَّ فَهُوَ غَيرُ مَلقُوطٍ، وَقَد يوجد في النُسَخْ، و"إنْ كانَ الصَبيُ بالِغاً" وَهُوَ مختل.

قال الغَزَالِيُّ: وَوِلاتةُ الالْتِقَاطِ لِكُلِّ حُرٍّ مُسْلِمٍ عَدْلٍ رَشيدٍ، أَمَّا العَبْدُ وَالمُكاتَبُ إِذَا الْتقَطَا بِغَيْرِ إِذنِ السَّيِّدِ انْتُزعَ مِنْ أَيْدِيهِمَا فَإنَّ الحَضَانَةَ تَبَرُّعٌ وَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ، وَإنْ أَذِنَ السَّيِّدُ فَهُوَ المُلْتَقِطُ، وَالكَافِرُ يَلْتَقِطُ الصَّبِيَّ الكَافِرَ دُونَ المُسْلِم لأَنَّهُ لاَ وِلاَيَةَ، أَمَّا المُسْلِمُ فَيَلْتَقِطُ الكَافِرَ، وَأَمَّا الفَاسِقُ فَيُنْتَزَعُ مِنْ يَدِهِ، وَكَذَا المُبَذِّرُ فإنَّ الشَّرْعَ لاَ يَأْتَمِنُهُمَا، وَأَمَّا الفَقِيرُ فَهُوَ أَهْلٌ لَهُ.

قالَ الرَّافِعِيُّ: الركنُ الثَالِثُ: المُلْتَقِط، وُيعتَبَر فيهِ أمورٌ:

أحدُهَا: التَّكْلِيفِ، فلاَ يَصِح التِقَاطِ الصَبيِ والمجنون وهَذا أهْمَلَهُ في الكِتَابِ لوُضُوحِهِ.

والثاني: الحُرِيَةُ، فالعَبْدُ إذَا التُقِطَ يُنْتَزعُ مِن يَدِهِ إنْ لمْ يأذَنْ السَيدُ, لأنَّ الحَضَانَةَ تبرع وليسَ لهُ أهْلِيَّةُ التبرعِ، وإنْ أذِنَّ السَيدُ أوْ عَلِمَ بِهِ، فأمره في يَدِهِ جَازْ، وكَانَ السيدُ المُلْتَقِطُ، وهو نائبه في الأخذِ والتربية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015