وَلَمَا كَانَ التقاطُ المنبوذِ مُنَاسباً لِلُّقطَةِ، وَمُشَارِكاً لَهَا في كثيرِ مِن الأَحْكَامِ، وصل أَحَدَهُما بالآخَرِ، والكلامُ فيهِ كَمَا في اللقطة الأركانِ، والأحكامِ.
ثُم الأَحكَامُ تنقسمُ إلَى ما يَطَّردُ، وإلَى ما لاَ يَطَّرِدُ، بلْ تَخْتَلِفُ بحَسَبِ حَالِ اللَّقِيطِ، وأَحْكَامِهِ، وفيهِ أكثرُ النَّظَرِ، فأدرجُ صاحبُ الكتابِ -رحمه الله- مقَاصَدَهُ في بابَيْنِ: أحدُهُما في الأَرْكَانِ والأَحْكامَ العامَّةِ، والثاني في أَحْكَامِ اللَّقِيطِ.
أما الأولُ: فالأرْكَانُ ثلاثةٌ:
أَحَدُهَا: في نَفْسِ الإلْقاطِ وَهُوَ مِنْ فُرُوضِ الكِفاياتِ (?)؛ صِيانةً للنَّفْسِ المُحْتَرَمَةِ عَن الهَلاَكِ، وفي وُجُوبِ الإشْهَادِ، إذَا أَخَذَ اللَّقِيطُ طريقان:
أحدُهُما: أنَّه عَلى وَجْهَيْنِ أو قَوْلَيْنِ، كَمَّا قدمنَّاهُ في "اللُقَطَةِ"، وَهُمَّا فيمَّا ذَكَرَ القَاضِي ابنُ كج علَى سَبِيلِ النَقلِ والتَخريج؛ لأنَّه نصَ هَاهُنا علَى الوُجُوب، وفي "اللُقَطَةِ" عَلَى الاسْتِحبَاب، وأظهَرهمَا القطعُ بالوُجوب بخلافِ اللُقَطَةِ، فإنَّ الَمَقصُود فيها المالُ والإشهادُ في الَتصرفَاتِ المَاليةِ مستحبٌ، وفي اللَقيط يحتاجُ إلى حِفْظِ الحريةِ والنسبِ، فجازَ أنْ يَجِبُ الإشهَادُ عليهِ كمَّا في النكَاحِ.
وأيضاً، فاللُقَطَةُ يَشيعُ أمرُهَا بالتَعريفِ، ولا تَعريفَ في اللَقِيطِ، وقَد يُعبَر عن الطريقتين بِترتيبِ الخلافِ علَى الخلافِ في اللُقَطَةِ، بَل ذُكِرَ في الكِتَابِ، إنْ أوجَبَنَا