لتَحْقِيق شَرْطِ التملُّكِ (?). الخامِسَةُ: ليكنِ التعريفُ في الأسْوَاق، ومجامِعِ النَّاسِ، وأبواب المَسَاجِد عند خُرُوج النَّاسِ من الجماعاتِ، ولا يُعَرِّفُ في المَسَاجِدِ، كما لا يَطْلُبَ الضَّالَّةَ فِيهَا.
قال الشَّاشِيُّ في "المعتمد": إلاَّ أنَّ أَصَحَّ الوجْهَيْنِ جوازُ التَّعْريف في المسْجِد الحرام؛ بخلافِ سائر المَسَاجد.
ثم إذا التقطَ في بَلْدَةٍ أو قرية، فلا بُدَّ من التَّعْريفِ فيها، وليكنْ أكثرُ تعريفه في البُقْعةِ والمَحَلَّةِ الَّتي وجدَ فيها، فإنَّ طَلَبَ الشَّيْءِ في موْضع إضْلاَله أكثرُ، فإنْ حضَره سَفَرٌ، فوَّض التعريفَ إلَى غيرِه، ولا يُسَافِرُ بها.
وإن التقطَ في الصَّحراءِ، فعَنْ أبِي إسْحَاق -رحمه الله- أنَّهُ، إن اجتازَتْ به قافلة، يُتْبَعُهُمْ، وُيعَرِّف فيهم، وإلاَّ، فلا فائدةَ في التَّعْريف في المواضع الخالِيَةِ، ولكنْ يُعَرِّفُ في البلدة التي يَقْصِدُهَا، إذا انتهى إلَيْها، [فإنِ بدا له الرُجُوعُ، أو قَصَدَ بلدةً أخْرَى، فكذا يُعَرِّفُ عند الوُصُولِ إلَيْها]، ولا يُكلَّف أنْ يُغيِّرَ قَصْدَه، ويعدلَ إلَى أقرب البلادِ إلَى ذلك الموْضِع، أو يرجع إلى حَيْثُ أنشأ السَّفَر منْه، حكاه الإمامُ، وتابَعَهُ المُصَنِّفُ، ولكن ذكر المتولِّي وغيرِه أنَّهُ يعدل ويُعَرِّفُ في أقْرَب البُلْدان إلَيْه، وهذا إنْ كان المراد منهُ الأَحَبَّ والأولَى فذاك، والاَّ، حَصَلَ وجْهَان في المسألة (?).
وقوله في الكِتَاب: ولا يجوزُ له أنْ يُسَافِر به فَيُعَرِّفَ في مَوْضِع آخَرَ، ففي الجواز لا يفتقرُ إلى الأمْرَيْنِ، بل يجوزُ أنْ يُسَافِرَ به، وإن لم يتبع التَّعرِيفَ في مَوْضعٍ آخَرَ، كما لا يجوز السَّفرُ بالوَدِيعَة، ولا يجوزُ التعريفُ في مَوْضعٍ آخر، وإنْ لم يُسَافرْ به.
وقولُه: "فَيُعَرِّف في أي بَلدٍ أرَاد قَرُبَ أَمْ بَعْدَ" غيْرُ مجرى عَلَى ظاهره، بل هو محمولٌ عَلَى البلدِ الَّذِي هو مَقْصِدُهُ.