وَلَمْ يُسَلِّطهُ المَالِكُ عَلَيْهِ، بِخِلاَفَ الإِيدَاعِ عِنْدَ الصَّبِيِّ، فَإنْ قَصَّر الوَلِيُّ ولَمْ يَنْزَعْهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى أَتْلَفَهُ الصَّبيّ أَوْ تَلِفَ فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الوَلِيّ لأنَّهُ مُلْتَزِمٌ حِفْظَ الصَّبيِّ عَنْ مُثْلِهِ.

قالَ الرَّافِعِيُّ: المسألةُ الرَّابِعَةُ: في التقاط الصبيِّ طريقانِ، كما ذكَرْنَاهما في الفَاسق، الأصَحُّ صحَّتة كاحتطابه واصطياده.

التَّفريعُ: إن قلْنا: يصحُّ الْتِقَاطُة، فإِنْ لم يَشْعُرْ به الوليُّ، وأتَلَفَة الصبيُّ ضَمِنَ، وإن تَلِفَ في يده، فوجهان:

أصحُّهُمَا: أنَّهُ لا ضمانَ علَيْه، كما لو أَوْدَعَ مالاً، فَتَلِفَ عندَهُ.

والثانِي: يَضْمَن؛ لأنَّهُ وإنْ جُعِلَ أهْلاً لِلالتقاط، فلا يُقرَّر المالُ في يده، ولا يُجْعَلُ أَهْلاً للأمانَةِ، ويُخَالِفُ لوديعةَ؛ لأنَّ المُودِعَ سلطه عليه.

ومن قال بالأوَّل قال: تَسْلِيط الشَّرْعِ يغني عَنْ تَسْلِيط المالِكِ، وإنْ شَعَر به الوَليُّ، فينبغِي أنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْ يدهِ، وُيعَرِّفَهُ مُدَّةَ التَّعْرِيف، ثم إنْ رأى المصْلَحَةَ في تملكه للصَّبِيِّ جَاز؛ حيْثُ يُجوزَ الاستقراضُ عليه؛ لأنَّ تملُّكَ اللُّقَطَةِ كالاستقراض.

وقال ابْنُ الصَّبَّاغِ: عنْدِي يجوزُ التملُّكُ له وإنْ كان ممن لا يجوز الاستقراضُ عليه؛ لأنَّا نُلْحِقُهُ عَلَى هَذَا القَوْلَ بالاكتساب (?).

وإنْ لَمْ نر التملُّك له، حفظ أمانة، أو سَلَّمَة إلى القاضي، وإذَا احْتَاجَ التَّعْريفُ إلَى مُؤْنَةٍ، لم يصْرفْ من مال الصبيِّ، بَل يُرْفَعُ الأَمْرُ إلى الحاكمِ؛ ليبِيعَ جُزْءاً من اللَّقَطَةِ لِمُؤْنَةِ التعريف، ويجيْء وجْه مما سيأتِي في التقاط الغَنَم ونحوها، له أن يبيعَ بنفسه، ولا يحتاج إلَى إِذْنِ الحاكِمِ (?).

ولو تَلِفتْ اللُّقَطَة في يد الصَّبِيِّ قَبْل الانتزاع مِن غَيْر تقصيرٍ، فلا ضمانَ، وإن قصَّرَ الوليُّ بتَرْكها في يده حتَّى تَلِفَت، أو أَتْلَفَهاَ، فعلَيْهِ الضمانُ، وشبَّهوه بما إذا احْتَطَبَ الصَّبِىُّ، وتركه الوليُّ في يده حتَّى تَلِفَ أو أتلفه، يجب الضَّمانُ على الوَلِيِّ؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015