أحدُهما: أنَّ عامَّة الأصْحَاب رجَّحوا القولَ الأوَّل، لكنَّ الشيخَ أبَا محمد والقاضِيَ الرُّوياِنيُّ حَكَما بأنَّ الثَّاني أصحُّ.

والثاني: أنَّ القَوْلَ الأوَّلَ يَشْتَهِرُ بالجديد، والثَّاني بالقَديم، لكنَّ الثَّانِيَ مرويٌّ عن "كتاب التَّفْلِيس" من الجديد، كما هو محكيٌّ عن القديم، وفي اختلاف العراقِيِّين ذكر القولَيْن جميعاً، فإذا هما مذكوران في الجديد، إلا أنَّه لم ينقل عن القديم سوَى الثاني، فشَهِرَ بالقديم، ومقابِلُهُ الجديد.

التفريع: إذا أوجبنا الثواب ففي قدره أربعة أوجه:

أحدهَا: ما يَرْضَى به الواهبُ؛ لما رُوِيَ أنَّ أعرابيّاً وَهَبَ للنَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- نَاقَةً، فَأَثَابَهُ عَلَيْهَا، وقال: أَرَضَيْتَ؟ قَالَ: لاَ، فَزَادَهُ، وقَالَ: أَرَضِيْتَ؟ قال: نَعَمْ. فقال النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَلاَّ أتَّهِبَ إلاَّ مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقِفِيٍّ" (?).

وأرجها على ما ذكره الإمامُ والقاضِي الرّويانيُّ -أنَّه قدْرُ قيمةِ المَوْهُوب؛ لأنَّه عَقْدٌ يقتضي العِوَضَ، ولا يُشْتَرطُ فيه التَّعْيينُ والتَّسْمية، فإذا لم يسمِّ شيئاً، وجَبَ عوض المثل؛ كالنكاح، وبهذا قال مالكٌ.

والثالث: ما يُعَدُّ ثواباً لِمِثْلِه في العادَة؛ لأن أصْل الثَّواب مأخوذٌ منْ العادة، فكذلِكَ قَدْرُه.

والرابع: أنه يكفي أقلُّ ما يُتموُّل؛ لوقُوع اسْمِ الثواب عليه، وبعْضُهم يجعل هذه الأوْجُهَ أقوالاً مخرَّجة.

وفي شرْح القاضي ابن كج أنَّ الأوَّل والثالِثَ قولان منصُوصَان، ولا يتعيَّن للثوابِ جنْسٌ من الأموال، بل الخِيَرَةُ فيه إلى المُتَّهِبْ.

وإذا فرَّعنا على تقدير الثَّواب بقَدْر القيمة، فلَوِ اختلف قدْرُ القيمة، فعَنْ صاحب "التقريب" وجْهان في أنَّ الاعتبار بقيمةِ يَوْم القَبض أمْ بيَوْم بَدْل الثواب؟ والأظْهرُ الأوَّل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015