ولو وهَبَ مِنْ مكاتَبِ ولده، فلا، وهبة الإنسان من مكاتَبِهِ كهبته من الأجنبيِّ.
ولو تداعَى اثنانِ موْلُوداً، ووهَبَا منْه، فلا رُجُوعَ لواحد منهما، فإنْ لَحِقَ بأحدِهِما فوجهان؛ لأنَّ الرجُوعَ لم يكن ثابتاً في الابتداء (?). وحْكمُ الرُّجُوع في الهديَّة حكُمُه في الهِبَة. ولو تصدَّق على ابْنه، فوجهان:
أصحُّهما: ويُحْكَى عن نصِّه في "حرملة" أنَّ له الرُجُوعَ أيْضاً؛ لأنَّ الخبر يقْتَضِي ثبوتَ الرُّجُوعِ في الهِبَة، والصَّدَقةُ ضَرْبٌ من الهبة، ولأنَّه تبرع على الولَد فِي الحياةِ لا بُدَّ فيه من التسليم، فأشبه الهبة (?).
والثاني: وبه قال مالك رحمه الله لاَ رجوع له؛ لأنَّ القصدَ من الصَّدقة ثَوَابُ الآخرةِ، وقد حَصَلَ. فرعان عن "التتمة":
أحدهما: إذا أبرأ ابْنَه عَنْ دَيْنِهِ، يبنى على أنَّ الابراءَ إسقاط، أو تمليكٌ.
إن قلنا بالأوَّل، فلا رجوعَ، وإلاَّ، ثبتَ الرُّجُوعُ (?).
الثَّاني: لو وهَبَ مِنْ ولده، ثم مَاتَ الواهبُ ووارثه أبوه؛ لكون الولد مخالفاً في الدّين، فلا رُجُوع للجَدِّ الوارث؛ لأنَّ الحقوق لا تُورَثُ وحدَها، إنَّما تورَثُ بتبعيَّة الأموال، وهو لا يرثُ المال.
أمَّا أنه إلام يرجع، فاعلم أنَّ الموهوبَ، إمَّا أن يكونَ باقياً في سلْطَته المُتَّهِب، أو لا يكون أحد القِسْمَين ألا يكون باقياً في سلطته، فإنْ تَلِفَ في يدَه، أوْ زَال ملكه عنْهُ ببيعٍ أو غَيْرِهِ، فلاَ رُجُوعَ للواهب، ولا له طَلَبُ القيمة، ويلتحقُ به ما إذا وقَف الموهُوب، أو كانَ عَبْداً فكاتبه، أو أمَةً، فاستوْلَدَها، أو رَهَنَ الموهوب وَأقْبَضَه، أو هَبَه وأقْبَضَه، أو وهَبَهُ وحكى الإمام خلافاً في أنَّ الرُجوعَ هَلْ يمتنع بالرَّهْن مبنيّاً عَلَى ما