إنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاَمَاً -فَقَالَ: "أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَ هَذَا؟ قال: لا، قَالَ: "أَيَسُرُّكَ أنْ يَكُونُوا لَكَ في البرِّ سَوَاءً؟ " قَالَ: "نَعَمْ، قال: فَلاَ، إذَنْ" ويرْوَى عنه قال: "فأَرْجِعْهُ" وُيرَوَى أنَّهُ قال: "فَاتَّقُوا الله واعْدِلُوا بَيْنَ أوْلاَدِكُمْ" (?).

ثم الأَوْلَى، والحالة هذه، أن يُعْطِيَ الآخرين بما يَحْصُل به العَدْل، ولو رَجَعَ، فلا بأسَ. وعن أحمد -رضي الله عنه- أنَّه يجبُ الرُّجُوع، وُيرْوَى عنْه أنَّهُ لا تصحُّ الهبةُ مع التَّخْصيص أصْلاً، وإذا أعطَى، وعدل، كُرِّهَ له الرجُوع، وكذا إنْ كانَ لَهُ وَلدٌ واحدٌ، فوهَبَ منْه، كره له الرجُوع، إن كان الولدُ عفيفاً بارّاً، وإن كان عاقّاً، أو كان يستعينُ بما أَعْطَاه في مَعْصِيَةٍ، فليُنْذِرْهُ بالرُّجُوع، فإنْ أصرَّ، لم يُكْرَه الرُّجوعُ.

وفي طريقِ العَدْلِ في الهبةِ منَ الأولاد وجهان:

أصحُّهما: وبه قال أبو حنيفةَ ومالكٌ -أَنَّ الطريق التَّسْوية بين الذكور والإناثِ؛ لما رُوِيَ أنّهُ -صلى الله عليه وسلم- قال:"سَوُّوْا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ فِي العَطِيَّةِ، وَلَوْ كُنْتُ مُفَضِّلاً أَحَداً لَفَضَّلْتُ البَنَاتِ" (?).

والثاني: وبه قال أحمد: أنَّهُ يُعطِي للذِكر مثل حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ (?)، اعتباراً بالميراث، إذا تقرَّر ذلك، فالكلامُ فيمَنْ يرجع؟ وفي أنَّه إلاَمَ يَرْجِع؟ وفي أنَّ الرُجُوعَ لم يَحْصُلْ.

أمَّا الراجعُ، فللأب الرجُوعُ في الهبة؛ لما رُوِيَ أنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "لاَ يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أنْ يَرْجِعَ فَيمَا وَهَبَ إلاَّ الوَالِدُ فإنَّهُ يَرْجِعُ فيما وَهَبَ لِوَلَدِهِ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015