عن صاحب "التقريب":
مَنْ عليه الزكاةُ، لو وهَبَ دَينَه على المسكين بنية الزكاة، لم يقع الموقع؛ لأنَّهُ إبراءٌ، وليس بتمليك، وإقامة الإبراء مقام التمليك إبْدالٌ، وإنَّهُ غيرُ جَائِزٍ في الزكوات.
ولَكَ أن تقول: ذكروا وجهَيْن في أنَّ هبةَ الدَّيْن ممَّن عليه الدين تتنزل منزلة التَّمليك، أم هو مَحْضُ إسْقَاطٍ؟ وعلى هذا خرج اعتبار القَبُول فيها، فإنْ أعطَيْنَاها حكم التمليك، وجَبَ أنْ يقعَ الموقع (?)، ولو كان الدَّيْنُ عَلَى غيره، فوهبه للمسكين بنيَّة الزكاة. وقلْنا: تصح الهبة ولا يعتبر القَبْض، وقع عن الزكاة، والمستحقُّ يطالب المديُونَ به، واللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّالثُ: القَبْضُ وَبِهِ يَحْصُلُ (م و) المِلْكُ، فَإِنْ مَاتَ الوَاهِبُ قَبْلَ القَبْضِ تَخَيَّرَ الْوَارِثُ في الأِقْبَاضِ، وَقِيلَ: يَنْفَسِخُ كَالوِكَالَةِ، وَكَمَا قَبْلَ القَبُولِ، وَلَوْ قَبَضَهَا المُتَّهِبُ دُونَ إِذْنِ الوَاهِبِ لَمْ يَحْصُلِ المِلْكُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الركنُ الثالِثَ: القَبْضُ، ولا يحْصُلُ المِلْكُ في الهبات والهَدَايَا إلاَّ بعد حُصولِ القَبْضِ. رُوِيَ أنَّ أبا بَكْرٍ -رضي الله عنه- نَحَل عائشة -رضي الله عنها- جذاذ عِشْرِينَ وَسْقاً، فلَمَّا مَرِضَ قَالَ: وَدِدْت أنَّكَ جزيته وقبضتيه. وإنّما هو اليَوْمَ مَالُ الوَارِثِ (?).