وَعَلَى الجَدِيدِ يَصِحُّ وَيَتَأَيَّدُ، فَإِنْ قَالَ: فَإِنْ مُتُّ عَادَ إِلَيَّ فَهُوَ بِالبُطْلاَنِ أَوْلَى، وَكَذَا الرُّقْبَى فَهِيَ بِالبُطْلاَنِ أَوْلَى، وَهُوَ أنْ يَقُولُ: أَرْقَبْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ وَجَعَلْتُهَا لَكَ رُقْبَى أَوْ وَهَبْتُكَ عَلَى أَنَّكَ إنْ مِتَّ قَبْلِي عَادَ إِلَيَّ أَوْ مُتُّ قَبْلَكَ استَقَرَّ عَلَيْكَ.

قَالَ الرَّافِعيُّ: كانت العربُ في الجاهلية تَستَعمل لفظين وهما: العمرى والرقبى أمَّا العمرى: فمأخوذةٌ من العُمْرِ، وصورتها أن يقولَ: أعْمَرتُك هذه الدار مثلاً، أو جعلتها لك عمرك، أو حياتك أو ما عشت أو حييت، أو ما بقيت، وما يفيد هذا المَعْنَى، ثم له أحوالٌ: أحداها: أنْ يقول مع ذلك: فإِذا مِتَّ، فهي لورثتك أو لعقبك (?)، فيصحُّ، وهي الهبةُ بعَيْنها، لكنَّه طوَّل على نفسه، فإذا ماتَ، فالدَّار لورثته.

فإنْ لم يكونُوا، فلبيت المالِ، ولا يعودُ إلى المعمر بحال؛ لما رَوَى جَابرُ -رضي اللهُ عنه- أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "أيما رجلٌ اعْمَرَ عُمْرَى لَه وَلِعَقِبِهِ، فَإنْهَا لِلَّذِي أعْطِيهَا لاَ تَرْجِعُ إلَى الَّذي أَعْطَاهَا؛ لأَنَّهُ أعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ المَوَارِيْثُ" (?) وقال مالكٌ: هذا التصرف منصرف إلى المَنَافِعُ؛ لأنَّ تمليكَ الرَّقَبَةِ لا يتأقَّت، فإذا مات المعمر، ولا وَرَثَةَ له، رجَعَتَ، إلى المعمِر، وكذا، إنْ كَانَ له ورثةٌ فَانقرضُوا، ولا يكُونُ لبَيْت المال.

الثانيةُ: إذا اقتصر عَلَى قوله: جعلْتُها لك عُمْرَكَ، ولم يتعرَّض لما بعْده، ففيه قولان:

الجديدُ، وبه قال أبو حنيفةَ -رضي الله عنه- وأَحْمَدُ أنَّهُ يصحُّ وحكمه حكم الهبة؛ لما رُوِيَ أنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قال: "العُمْرَى مِيْراثٌ لأَهْلِهَا" (?).

وعن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تُعْمِرُوا وَلاَ تُرْقِبُوا فَمَنْ أَعْمَرَ شَيْئًا أَوْ أرْقَبَهُ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ المِيرَاثِ" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015