أُتلفت الضحيَّة، ولم يوجدُ بقيمتها إلاَّ شقْصَ شاةٍ؛ لأنَّه لا يضحَى ببعض الشاة، ويوقَفُ بعضُ العَبْدِ، وإن جعْلنا المِلكَ للموقوفِ علَيْه، أو للواقف، فوجهان:
أصحُّهُمَا: إنَّ الجواب كذلك؛ كيْلاَ يَبْطُلَ غَرضُ الواقف؛ وحقُّ البطن الثاني والثالث والثاني أنها تُصْرف ملْكاً إلَى مَنْ حكَمْنا له بِمِلْك الرَّقَبَة؛ فإنها بدَلُ ملْكِهِ، وينتهي الوقف. والطريقُ الثاني: القطْعُ بشراء عبد بها؛ ليكون وقْفاً مكان الأوَّل؛ لأنَّ حقَّ الوقْف أَوْثَقُ من حقِّ الرَّهْن، فإذا كان بدلُ المرهونِ مرهوناً، فبدل الوقْف أولَى أنْ يكونَ وقْفاً، وبهذا قال الشيخُ أبو حامد، وأصحابُ الطريقَيْن متفقُونَ عَلَى الفتوَى بصرفها إلَى عبد، وإذا اشتُرِي بها عبْد، وفضل شيءٌ، فيعود ملكًا للواقِفِ، أو يُصْرَف إلى الموقوفِ علَيْه؟ في فتاوَى القَفَّال حكايةُ وجهين فيه (?)، ورأيتُ -في "الجرجانيَّات" لأبي العَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ تفريعاً على ما به الفتوَى- أبحاثاً:
أحدُهَا: أنَّ العبد الذي يجْعَلُه بدلاً من يشتريه، وهو مبنيٌّ على الخلاف في المِلْك، إن جعلناه لله -تعالى- فيشتريه الحاكمُ، وإنْ جعلْناه للموقُوفِ علَيْهِ، فالموقوف عليه، وإن جعلْناه للواقِفِ، فوجهان؛ لأنَّهُ لا يملك المنافع والفوائد، هكذا ذكره، ولك أن يخرجَ الوجهين في أن الموقوفَ علَيْه، هل يشتري؛ لأنَّ كونه غَيْرَ مالِكٍ للمنفعة، إن منع من الشراء، فكَوْنُه غَيْرَ مالك للرقبة أولَى أن يُمنَع منه، ولا يجُوزُ للمتْلف أن يَشْتَرِيَ العَبْدَ وَيُقِيمَه مُقَام الأوَّل؛ لأنَّ الشيْءَ، إِذا ثبَتَ في ذمَّته، فليْسَ له استيفاؤه من نفْسِه لغيره.
والثاني: العبْدُ المُشْتَرَى يصير وقْفاً بالشراء أم لا بدَّ من عقْدٍ جديدٍ؟ حكَى فيه اختلافاً للأصحاب جَارِياً في بدل المرْهُون، إذا أتلف، والَّذي ذكره صَاحِبُ "التتمة" فيهما الثاني، وقال بالحاكمُ هو الذي ينشئ الوقْف، ويشبه أنْ يقال: مَنْ يباشر الشراء يحدِّد الوقْفَ (?).
والثَّالثُ: لا يجوز شراء جارية بقيمةِ العَبْد، وبالعكْسِ، ففي جواز شراء العبْدِ الصَّغير بقيمة الكَبير، وبالعَكْس وجهان (?).
والحالةُ الثَّانيةُ والثالثةُ: إذا قتَلَه الموقُوفُ علَيه، أو الواقِفُ، فإذا صرفنا القيمةَ إلَى أحدِهما في الحالة الأُولَى ملكًا، فلا قيمة عليه، إذا كان هو القاتل، وإلاَّ، فالحكْمُ والتَّفريعُ كما في الحالة الأُولى.