وجب المَهْرُ بوطْء الجارية المَوْقُوفة، فهو للموقُوفِ علَيْه، كاللبن والثمرة؛ لأنَّهُ من الفوائد، وهو المراد؛ بقَوْله: "وبذل منفعة البُضْعِ وبذل منفعة البدن" هو الأُجْرَة، وقد بيَّناها (?).
وأمَّا قوله: "وإن لم يكن الوطء للشبهة"، فاعلم أنَّ وطء الجارية المَوْقُوفة كما لا يجُوز للأجنبيِّ، لا يجوز للواقف، ولا للمَوْقُوف عَلَيْه.
أَمَّا، إذا لم نثبت الملك لهما، فظاهر.
وأمَّا إذا أثبَتْنَاه، فلأنَّهُ مِلْكٌ، ناقص لم يحدث نقصانه بوطءٍ سابق، فلا يفيدُ حِلَّ الوطْءِ, ويخرَّج بالقَيْد المذْكُور وطءُ أمِّ الولد، ولا يلؤمُ وطءٌ العبْدِ الجاريةَ التي ملَكَها السَّيِّد إيَّاه، حيث يجوزُ عَلَى رأْيٍ، تفريعاً على القَدِيم؛ لأنَّ المِلْكَ تم غَيْرُ ناقصٍ، وإنما الناقص المالك، فهي كجارية المَجْنُونِ يطؤها ولا يَتصرَّف فيها؛ لنقصانه، فإن وُطِئَت الموقُوفةُ، لم تَخْلُ عن أحوال:
إحداها: أنْ يطَأَهَا أجنبيُّ، فإن لم يكنْ هناك شبهةٌ، فعلَيْه الحدُّ، والولدُ رقيقُ، ثم هو وقْفٌ أو ملْكٌ مطلق على وجهين، كما في نِتَاجِ البهيمة، ويجب المهْرُ، إن كانت مكرَهةً، وإن كانت مطاوِعَةً عالِمةً بالحَالِ، ففيه خلافٌ، وقد سبَق في موْضِعه.
وإنْ كان هناك شبهةٌ فلا حَدَّ، ويجب المَهْرُ، والوَلَدُ حرٌّ وعليه قيمته، ويكون مِلْكاً للموقُوفِ علَيْه، إنْ جعلْنا الولدَ ملكاً، وإلاَّ فيشتري بها عبدٌ ويوقف.
الثانيةُ: أنْ يطأها الموقُوفُ علَيْه، فإن لم تكن، شبهة فقد قيل: لا حَدَّ علَيْه لشبهةٍ الملْك، وهذا ما أورده صَاحِبُ "الشَّامل" والأصحُّ: أنه يُبْنَى على أقوالِ المِلْك، إنْ جعلناه له، فلا حَدَّ، وإلاَّ، فعليه الحدُّ، ولا عِبْرَةِ بِمِلْكِ المنفعة، كما لو وَطِئَ الموَصَى له بالمنفعة الجارية (?)، والولَدُ مِلْكٌ أو وقفٌ فيه الوجهان.
وإنْ وطئ بشبهة، فلا حدَّ، والولدُ حرٌّ ولا قيمةَ علَيْه، إنْ ملكناه ولَد الموقوفه، وإن جعلْنَاه وقْفاً، فيشتري به عبداً حرّاً ويوقَفُ، وتصيرُ الجاريةُ أُمَّ ولدِ له، إن قلنا: إنَّ المِلْكَ للموقوفِ علَيْه، فتعتق بموته، وتؤخذ قيقها مِنْ تركته، ثم هِيَ لَمِنْ ينتقل الوقْف إلَيْه بعْده ملكاً أم يشترى، بها جاريةً وتُوقَف؟ فيه خلاف نذكره في قيمة العبْد الموقوف،