"وحبس التصرُّف على الموْقُوف ويجوز أن يفسر قوله "وحبس التصرف على الموقوف" بقصر التصرُّف على ما يلائمُ غرَضَ الوَقْف، وينفع الموْقُوف عليه.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَيَمْلِكُ المَوْقُوفُ عَلَيْهِ الغَلَّةَ وَالثَّمَرَةَ وَالصُّوفَ وَالوَبَرَ مِنَ الحَيَوَانِ وبَدَلَ مَنْفَعَةِ البُضْعِ وَالبَدَنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الوَطْءُ للشُّبْهَةِ، وَهَلْ يَمْلِكُ نَتَاجَهُ؟ فِيهِ خَلاَفٌ لأَنَّهُ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ وَلَدِ الضَّحِيَّةِ وَهُوَ ضَحِيَّةٌ وَبَيْنَ لَبَنِ الحَيَوَانِ المَوْقُوفِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قاعدةُ الفَصْل أنَّ فوائدَ الوقْف ومنافَعه للموْقُوف علَيْه يتصرَّف فيها تصرُّفَ المُلاَّكِ في الأملاك، فإنَّ الوقْفَ كذلك يَنْشَأُ، ويفصِّلُها أنَّ الوقْفَ، إنْ كان شجرةً، ملَكَ الموقُوفُ علَيْه ثمارَهَا، لا يَمْلِكُ أغصانها، إلا فيما يعتادُ قَطْعَه؛ كشَجَرة الخلاف فأغصانها كثمارِ غيرها (?).
وإن كان الوقْفُ بهيمةً، مَلَكَ الصوفَ والوَبَر واللَّبَن، وفي النِّتَاج وجهان:
أظْهَرُهُمَا: أنَّ يملكه أيضاً؛ كاللبن والثمرة.
الثاني: لا، بل يكون وَقْفاً؛ تَبَعاً للأُمِّ، كما أن ولد الأضحيَّة يكون أضحيَّة، وبالأول قطعَ أبو الفَرجِ السَّرْخَسِيُّ في النّعم.
وقال: فإنَّ المطلوب منْها الدَّر والنَّسْل، والوجهان في ولَد الفَرَس والحِمَار.
وحكى فيه وجهاً ثالثاً ضَعِيفاً؛ أنَّهُ لا حقَّ فيه للموقوف علَيْه، بل يُصْرَفُ إلَى أقْرَبِ النَّاسِ إلى الواقف إلاَّ إذا صرَّح بخلافه، وهذا الخلافُ في النِّتَاج الحادث بعْد الوقْف، فإن وقف البهيمةَ، وهي حاملٌ، وقلْنا: إنَّ الحادثَ بعْد الوقْف وقْفُ، فههنا أَوْلَى، إلاَّ، فوجهان بنَاءً عَلَى أنَّ الحمل، هَلْ له حُكْمٌ؟ وما ذكَرْناه في الدَّر والنسل مفروضٌ فيما إذا أطْلَقَ، أو شرطهما للمَوْقُوف عليه أمَّا إذا وقَفَ الدَّابَّةَ عَلَى ركوب إنْسَانٍ، ولم يشترط له الدّر والنّسل. قيل: حكم الذّرّ والنسل حكم وقف منقطع الآخر.
وقال صَاحِبُ "التَّهْذِيبِ": ينْبَغِي أن يكون للواقِفِ، وهذا أَوْجَهُ؛ لأنَّ الدَّر وَالنسلَ